: آخر تحديث

خرافة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي

2
2
2

«.... لن نجد حداداً ولا سباكاً ولا كهربائياً كويتياً، ما لم يتوقف التعيين التلقائي للشباب في الحكومة، والإصرار على الاستمرار في صرف مكافآت مالية مجزية لطلبة الجامعة...».

(نجيب حمد مساعد الصالح).

* * *

ورد في مقابلة في «النهار» مع السيد علاء الأمير، الذي قدم نفسه رئيساً تنفيذياً لـ«مجموعة التكاتف الكويتي»، أن المجموعة تعمل في مجالات عدة، ومنذ 2009 وتضم «نخبة» من المستشارين و«الأطباء» والمهندسين والفنيين الذين أسهموا في تحقيق ما تم من نجاح «تحقيق ماذا؟»، حيث وضعوا لأنفسهم هدف تحويل المجتمع الكويتي من الاتكالية على الحكومة، كما هو الآن، إلى مجتمع صناعي منتج يعتمد فيه الشباب على سواعدهم في كسب رزقهم ولا ينتظرون الوظيفة الحكومية بالسنوات، من خلال توجيههم للقيام بأعمال مثل السباكة والحدادة والنجارة والكهرباء والميكانيكا والعديد من المهن الفنية الأخرى، التي طالما ظل القيام بها حكراً على الوافدين من مختلف الجنسيات، وأن حجر الأساس، لعملهم، تم وضعه مع الجهات المعنية بغية احتضان خريجي التطبيقي وجامعة الكويت في أقسام «مجموعة التكاتف»!

هذه مهام صعبة حتى الدولة برمتها لم تنجح في تحقيقها، وبالتالي أشك أن المجموعة حققت شيئاً، بعد ربع قرن من الصراع مع البيروقراطية، فالمهمة ليست بتلك السهولة، ولا ذنب لهم إن لم ينجحوا في مساعيهم، مع استمرار الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب «والجامعة» في إغراق سوق العمل بكل «ما لا يحتاجه» من تخصصات، فما لم تستطع تحقيقه «مجموعة التكاتف الكويتي» على مدى ربع قرن، بمواردها وقدراتها المحدودة، سبق أن فشلت في تحقيقه الجهات المعنية، لقرابة 70 عاماً. فالكلية الصناعية، تأسست في الخمسينيات، قبل أن تتحول لهيئة التطبيقي، مع كل ما كانت تتلقاه من دعم مالي ومعنوي حكومي ضخم، فشلت في أن ترفد السوق بفني واحد. فغياب «الفني الكويتي» عن سوق العمل لا يمكن التغلب عليه بفتح معهد أو مدرسة مهنية، بل يتطلب الأمر تغيير اسلوب التعليم وتغيير الكثير من السياسات والمفاهيم، ووقف صرف الحوافز المالية العالية لطلبة المواد النظرية التي توقفت الحاجة لهم منذ ربع قرن او أكثر، ومع هذا لا يزال الدفع مستمراً.

كما أن إحلال المواطن محل الوافد ليس قراراً فردياً، بل رؤية وقرار دولة بكاملها. فارتداء «الأوفرهول» يراود مخيلة الكثير من الشباب، الكارهين للعمل المكتبي، لكن ثقافة المجتمع، المتجذرة، تحتقر من يزاول أي عمل يدوي، حتى لو كان العائد المادي أكبر من الراتب الحكومي، وهذا يشمل تقريباً أي مجتمع في العالم، فأصحاب الكثير من المهن، غير المكتبية، يكسبون الكثير، لكنهم يواجهون مصاعب في الحياة خاصة في ما يتعلق بإيجاد الوقت للراحة والسفر والتمتع بالحياة، أو في إيجاد الزوج/ الزوجة، ولا أتذكر يوماً أنني شاهدت فيلماً أمريكياً يكون بطله «معلماً صحياً».. مثلاً!! ويجب الاعتراف بهذا، وإغلاق عشرات فروع التدريس في الهيئة العامة للتدريب والتعليم التطبيقي، ووقف هدر العلاوات والمكافآت والرواتب العالية التي تدفع لطلبة الجامعة والتطبيقي، ووقف هدر جزء من مبلغ المليار دينار الذي يصرف على التطبيقي، فالحاجة هي التي ستدفع المواطن للعمل في مختلف المهن، وليس أي شيء آخر، وعلينا التوقف عن خلق مجتمع خريجيين، فما كان مطلوباً قبل ثلاثين أو أربعين عاماً، أصبح الآن عبئاً، فالمجتمع سيبقى اتكالياً وغير منتج صناعياً طالما أن الدولة مستمرة في الدفع. وأتذكر بهذه المناسبة الفرصة التي وفرتها قبل سنوات شركة محلية كبيرة تمتلك وكالة سيارات ألمانية حيث افتتحت ورشة لتدريب «الشباب الكويتي» على ميكانيكا السيارات، لكنها اضطرت بعد فترة لإغلاق الورشة لغياب الراغبين في الالتحاق بها!


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد