: آخر تحديث

الجميع يحتاج إلى أميركا في سوريا!

4
4
4

ركز الاجتماع الإقليمي الذي انعقد في الرياض الاثنين على مسألة رفع العقوبات عن سوريا، كي يتسنى للدول الراغبة في إرسال مساعدات إلى الشعب السوري في ظل الإدارة الجديدة، التي تتولاها "هيئة تحرير الشام" بزعامة أحمد الشرع، أن تفعل ذلك. أما الولايات المتحدة التي تراقب عن كثب سلوك الحكام الجدد لسوريا، فتربط رفع العقوبات بتوجهات هؤلاء حيال الأقليات الدينية والإتنية وحقوق الإنسان ووضع المرأة في المجتمع. وبحسب وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، فإن سقوط نظام بشار الأسد يشكل فرصة نادرة كي يصوغ السوريون مستقبل بلادهم ورسم مسار جديد.    وذكّر بأن أن وزارة الخزانة الأميركية أصدرت الأسبوع الماضي "الترخيص العام الرقم 24 الخاص بسوريا، للمساعدة في ضمان عدم إعاقة العقوبات للخدمات الأساسية، واستمرارية وظائف الحكم في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك توفير المساعدات الإنسانية والكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي". يدل ذلك بوضوح على أن واشنطن ليست مستعجلة لرفع العقوبات الأساسية عن سوريا، والتي يمكن أن تشكل فارقاً في العملية. ووسط سابق إقليمي ودولي على الفوز بنصيب من النفوذ في سوريا الجديدة، تبقى الولايات المتحدة القوة الرئيسية التي يحتاجها بقية الأطراف. صحيح أن ثمة تواصلاً من الدول العربية والأوروبية مع دمشق، منذ انتظام عمل المؤسسات السورية، بيد أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت واضحة في أنها ستترك أمر العقوبات الرئيسية للإدارة المنتخبة برئاسة دونالد ترامب. وسيكون الجميع في انتظار رؤية ترامب لسوريا ما بعد الأسد، هي التي قد تساعد الحكام الجدد على إعادة البناء أو تضع العراقيل أمامهم، من طريق عدم رفع العقوبات. وعليه، يتعين معرفة ماذا يريد ترامب قبل كل شيء. وقد سبق له أن أعرب عن وجهة نظر لم تعجب أنقرة، عندما وصف ما جرى في سوريا بأنه "سيطرة تركية غير مريحة على سوريا". لكنه في الوقت نفسه أثنى على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واصفاً إياه بأنه رجل ذكي. هل يستمر ترامب في الربط بين العقوبات والسياسات التي سيعتمدها النظام الجديد في ما يتعلق بالأقليات، أم أنه سيعتمد سياسة العصا والجزرة، والخطوة مقابل خطوة؟ في أوروبا، وعلى عكس الولايات المتحدة، يمضي الأوروبيون بخطوات متقدمة نحو رفع العقوبات عن سوريا. وقد عبّر عن هذا الموقف، كلٌّ من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. وتبقى المسألة الكردية هي الأعقد التي تواجه واشنطن وأوروبا. والمعضلة الحقيقية تتمثل في إقناع أردوغان بالتخلي عن الخيار العسكري ضد "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد). وبرزت في الأيام الأخيرة بعض المرونة التركية، من خلال الحديث عن فرصة منحتها أنقرة لـ"هيئة تحرير الشام"، كي تتعاطى مع الملف الكردي. ومهما كان الالتفاف الإقليمي حول الإدارة السورية الجديدة شاملاً، فإنه لا يمكن تجاوز الدور الأميركي الذي يتوقف عليه الكثير، في وقت ترى واشنطن إلى سوريا على أنها فرصة أيضاً لتحجيم النفوذين الروسي والإيراني في الشرق الأوسط. الجميع، كما هو بادٍ، في حاجة إلى الولايات المتحدة في سوريا، من الحكام الجدد إلى الأطراف الساعية إلى الاضطلاع بدور متقدم في هذا البلد. ومن هذه الزاوية، الجميع ينتظر ترامب الآن، وما يمكن أن يقرره في شأن التطورات المزلزلة في الشرق الأوسط، بدءاً من غزة إلى لبنان وسوريا واليمن وحتى إيران نفسها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد