مستجدات متلاحقة تحيط بنا وتغير ملامح حياتنا وتفرض علينا متابعتها أولا بأول، خاصة في ما يتعلق بالفضاء الإلكتروني الذي حوّل حياتنا من بسيطة إلى معقدة متقاربة اختفت منها الحدود وتقاربت المسافات واختلطت الثقافات وبات كثيرون يطلون من وراء أقنعة، والهدف غايات تهدد الاستقرار والسلوك والنظام والحياة الشخصية.
خذ من تلك الحالات ما أعلنه مجلس الأمن السيبراني عن أن 19% من الأطفال في الدولة يواجهون تهديدات رقميّة، مثل إصابة أجهزتهم بالبرمجيات الخبيثة، وهي أمور قد لا يعرفها كثيرون وتحتاج لمتخصصين لتفسيرها واكتشافها يقف وراءها مجرمون سيبرانيون يطلقون ما يزيد على 411 ألف ملف خبيث في اليوم الواحد، ما يستلزم ضرورة قيام الآباء والأمهات بحماية أطفالهم من خلال إنشاء حسابات آمنة، وتفعيل إعدادات الخصوصية، واستخدام التطبيقات الموثوقة.
في كل بيت من بيوتنا اليوم عشرات الأجهزة من هواتف وأجهزة لوحية، ومنصات ألعاب وأجهزة كمبيوتر وتلفاز ذكي وساعات ذكية وأجهزة مساعد رقمي وكاميرات وأخرى تتغذى على الإنترنت وتربط العالم بك، لكنها في الحقيقة تراقبك وتنقل عنك، ويمكن أن تتعقد الأمور أكثر عبر الاختراق الذي يطال سريتك وخصوصيتك وأموالك وتفاصيل حياتك.
في هذا العالم الجديد عليك أن تستعد وتواكب ما يجري حولك ولا تعتقد أن التطور يعني فقط اقتناءك لتلك الأجهزة الحديثة دون الإلمام بطرق استخدامها والمحاذير المترتبة على ذلك والتي تشمل تحميل البرامج من المنصات الموثوقة فقط، وتجنب تحميل الملفات ذات الأسماء المضللة أو المشبوهة، والحرص على التحقق من سلامة الروابط والأزرار قبل النقر عليها، والالتزام باستخدام المصادر القانونية والآمنة للتحميل، والحرص على قراءة الشروط والأحكام بعناية قبل تحميل أي ملفات، إضافة إلى تثبيت برامج مكافحة الفيروسات الموثوقة وتحديثها باستمرار لحظر التهديدات، وهي أمور مهمة تجب مراعاتها والحرص عليها وتعليم الأبناء ومتابعة أسلوب استخدامهم للأجهزة.
أمام تلك المستجدات وما يحاك في الخفاء فإن لحظة غفلة واحدة كفيلة بتعريض الطفل لمخاطر كبيرة، لذلك على الآباء والأمهات مناقشة قواعد الأمان الرقمي مع أطفالهم، واليقظة إلى علامات الخطر لحمايتهم من التهديدات الخفيّة، وتوعيتهم بوسائل الأمان على الإنترنت، وتعليمهم كيفية التعرف إلى علامات التحذير من المجرمين السيبرانيين.
الثقافة الرقمية في عالم اليوم حتمية على الجميع، خاصة بعد أن أطلت التقنيات الجديدة ومنها الذكاء الاصطناعي برأسها وسخرها البعض الذي تلقفها بسرعة البرق ليوظفها لغايات غير سوية تتضمن إيذاء الآخرين واختراق حياتهم والاعتداء على خصوصيتهم وأفكارهم وأموالهم.