إيلاف من الرباط: ينظم مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة الدورة الثانية عشرة من منتدى حقوق الإنسان، وذلك يومي 20 و21 يونيو المقبل، تحت شعار "الحركية البشرية والديناميات الثقافية"، بمشاركة مفكرين وفنانين وباحثين من المغرب والخارج.
ويقول المنظمون إن المنتدى فرض نفسه، منذ انطلاقه، كـ "فضاء للتفكير الملتزم، يجمع بين الفكر النقدي والإبداع الفني والنضالات المعاصرة. ففي عالم تسوده التوترات الهوياتية والانغلاق على الذات". فيما تقترح دورة هذه السنة "طرحا مضاداً، ورؤية حساسة ومتجذرة ومتعددة الأبعاد حول الهجرة وتمظهراتها الثقافية".
وينظم المنتدى بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، وهو يسعى إلى مساءلة ما تنتجه الحركية البشرية من سرديات، وخيال سياسي، وتأثيرات في مختلف المجالات الثقافية والفنية.
وفي هذا الإطار، تقول نائلة التازي، منتجة مهرجان "كناوة وموسيقى العالم": "يجسد هذا المنتدى روح المهرجان. فهو يمد، على مستوى الفكر، ما تعبر عنه الموسيقى بقوة: حركة الأفكار، والتلاقح، والمقاومة عبر الثقافة. في الصويرة، تتلاشى الحدود، وتتنقل الأفكار كما الإيقاعات".
من جهته، يقول إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج: "أمام خطابات الانغلاق والتقسيم، من الضروري التذكير بأن الهجرة فعل شجاعة وإبداع كذلك. منتدى الصويرة يُظهر هذه الإسهامات، وهذه الحكايات، وهذه الذاكرات المتحركة".
وتسلط دورة هذه السنة الضوء على القضايا الراهنة المرتبطة بالهجرة، وتشهد مشاركة أندريا ريا، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بروكسل الحرة، الذي سيفتتح المنتدى بمحاضرة حول الجغرافيات الجديدة للتنقل؛ وباسكال بلانشار، هو مؤرخ سيحلل التمثلات الاجتماعية المرتبطة بالهجرة؛ وفاطمة زيبوح، أخصائية في علم الاجتماع، ودانا ديمينيسكو، باحثة في علم الاجتماع الرقمي، ستتناولان التوترات بين التمثلات الذاتية المهاجرة والسياسات العمومية؛ وفرانشيسكو فاكيانو، وهو أنثروبولوجي سيستكشف الذوات المهاجرة وسياسات اللجوء.

إيليا سليمان
وسيكون للفن حضوره القوي ضمن فعاليات المنتدى، بمشاركة المخرجين، فوزي بنسعيدي وإيليا سليمان، اللذان سيشاركان الحضور رؤيتهما حول المنفى كمادة للإبداع؛ علاوة على الكاتبة فيرونيك تادجو، والفنان بارتيليمي توغو، والمؤرخان نيكولا بانسيل وإيفان غاستو، والمخرج الوثائقي كمال رضواني.

بارتيليمي توغو
كما تشارك أصوات أدبية قوية، ويتعلق الأمر بإلغاز، وريم نجمي، وطه عدنان وعبد القادر بنعلي، الذين سيمنحون امتدادا للشتات من خلال السرد، والشعر، والالتزام؛ حيث الهجرة ليست رقماً ولا مفهوماً مجرداً، بل تعبر عما يربط، وما يتحرك، وما يقاوم. قصائد، أغانٍ، صور: أشكال متعددة تُكتب من خلالها الحكايات، رغم المسافات والصمت.
كما سيُسهم مشاركون ميدانيون، من قبيل كاسي فريمان، المتخصصة في سياسات التعليم للأفارقة المنحدرين من الشتات، في ترسيخ هذه التأملات ضمن وقائع ملموسة، من خلال مساءلة الأطروحات المهيمنة حول الشتات، وتفكيك الصور النمطية. كما ينتظر أن يتناول المنتدى الدور المحوري للثقافة – الشعبية، والعالِمة، والأدائية – في نقل الذاكرة، وبناء الهويات المتعددة، وإعادة ابتكار التضامن.
بالنسبة للمنظمين، فمنتدى حقوق الإنسان لا يشكل حدثا موازياٍ فقط، بل يمثل أحد ركائز مهرجان "كناوة". وهو يخلق، في عالم ممزق، فضاءً للتفكير، حيث يصبح الاصغاء، والحوار، والإبداع أشكالا من المقاومة. لذلك، وعلى مدى يومين، ستتحول الصويرة إلى "مختبر مواطن في الهواء الطلق، مكان تُروى فيه الحركية والمنفى بشكل مختلف، وتُش فيه حقوق الإنسان بوعي، وموسيقى، وتقاسم".
يشار إلى أن مهرجان "كناوة"، سينظم في دورته ال26 خلال الفترة ما بين 19 و21 يونيو المقبل، وتنطلق بحفل افتتاح، تحت شعار "إفريقيا الحية، والارتقاء الروحي والطاقة المشتركة".
وبالنسبة للمنظمين، فمنذ سنة 1998، استطاع هذا المهرجان أن يسطع بقدرته على الجمع بين التراث والحداثة، والتقاليد والابتكار؛ وهو يساهم، من خلال استثماره في التكوين، والبحث، والإبداع، في بناء منظومة ثقافية مغربية وإفريقية متكاملة، ويقدّم للجمهور تجارب موسيقية نادرة لا تُنسى. لذلك، تجد المنظمين يشددون على أن هذا المهرجان "ليس كباقي المهرجانات، حيث تحتفل كل نغمة بالحرية، واللقاء، والإبداع".