في عالم متسارع الأحداث، تبرز بين الحين والآخر مواقف وأحداث تعكس بوضوح ضحالة التفكير وقصور المعرفة عند البعض. نرى مشاهد متكررة لأشخاص يصدرون أحكامًا مطلقة وتعميمات لا تستند إلى تحليل منطقي أو رؤية متعمقة، بل إلى انطباعات سطحية وأحكام مسبقة تنضح بنبرة جهل لا تخفى على ذي بصيرة.
تزداد حدة هذه الظاهرة عندما نتابع تحليلات من يدّعي خبرته في مجالات الحرب والسياسة والدبلوماسية، لكنه في الواقع يتحدث من زاوية ضيقة ومحدودة، مغيبًا عن ذهنه تعددية الأفكار وتعقيد الواقع. هذا السلوك لا يعكس سوى ضعف الفهم وافتقار الرؤية الشاملة التي تُعدّ أساس أي تحليل ناجح.
الأمر الأكثر إيلامًا هو أن هؤلاء "صغار العقول" مهمتهم تضليل المستمعين، عبر تخصيص فئة من المجتمع دون غيرها، في ظل غياب الوعي النقدي عند البعض. إن اللباقة وحدها لا تكفي لتغطية قلة المعرفة، ولا يمكنها أن تعوض غياب المنطق.
إنَّ مشكلة ضحالة التفكير ليست مجرد مسألة فردية، بل هي انعكاسٌ لحاجة المجتمعات لتعزيز ثقافة النقد والتفكير العميق، والتعليم الذي ينمّي مهارات التحليل والتقييم بدلاً من الحفظ والتلقين، فكلما ارتقى وعي الأفراد، قلت فرص بروز تلك الأفكار السطحية التي تلقي بظلالها على مسيرة التقدم والتنمية.
وفي النهاية، يبقى الحل في التمسك بالمنهج العلمي والمنطق السليم، والانفتاح على الآراء المختلفة لفهم الواقع من جميع جوانبه. فلا مكان اليوم لصغار العقول، وإنما لمن يملك القدرة على التفكير الواعي والتحليل المدروس.