: آخر تحديث

الرياض والقضية الفلسطينية

1
1
1

ليس غريبًا أن تقوم المملكة العربية السعودية بجهود دبلوماسية دولية حثيثة لدعم الحق الفلسطيني في إقامة دولة فلسطين. وليس جديدًا أن تسعى إلى حفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ودعمه وتخفيف معاناته، وتوحيد كيانه وموقفه بكل السبل الممكنة، دون أن يرافق جهودها ضجيج إعلامي كما تفعل دول إقليمية عديدة، ودون استثمار القضية سياسيًا لتحقيق مصالح خاصة كما تفعل دول أخرى، ودون استئثار بالدور عن بقية الدول المعنية بقضية العرب الأولى والقضية الإسلامية الأبرز. بل تؤكد المملكة دائمًا أنها تنطلق من إدراكها لواجبها الديني والعربي والأخلاقي، وما يقوم به الدبلوماسيون السعوديون في هذا الجانب هو استمرار لمن سبقهم لتأكيد مواقف المملكة الثابتة منذ تأسيسها تجاه القضية الفلسطينية.

تستثمر المملكة كل علاقاتها لدعم الحق الفلسطيني، وليس أدل على ذلك من ربطها أي تسوية في المنطقة بحل القضية الفلسطينية أولًا، ورفضها كل الضغوط لحلحلة الموقف السعودي من التطبيع مع إسرائيل أو إيجاد أي شكل من العلاقة مع دولة الاحتلال قبل قبول الأخيرة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

تتعاطى المملكة مع المشهد السياسي الصعب والمعقد الذي وصلت إليه القضية العربية الأولى بكل حكمة واقتدار، وتراعي مصلحة الفلسطينيين أنفسهم، حتى وإن عمي ذلك على البعض، وسط تدخلات قوى إقليمية ساهمت في تأخير الحل الأمثل لعقود، واستثمرت معاناة الفلسطينيين لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، ولم تقدّم سوى بيع أحلام زائفة للفلسطينيين.

حكومات إقليمية وعربية متلاحقة جندت كتّابًا ومحللين لتحسين صورتها، وعملت على تغيير الفكر العربي والفلسطيني، وساهمت في اختطاف مفهوم المقاومة الفلسطينية المشروعة لتتحول إلى فصائل مسلحة تقدم خدمات سياسية وإرهابية لحكومات أخرى.

جزء من الوعي العربي مهم لفهم: من خدم القضية الفلسطينية؟ ومن أضرّ بها؟!

بدأت معاناة الفلسطينيين من عدم رؤيتهم للحل، ومن اعتقاداتهم الخاطئة بسبب معزوفات كانت تتغنى بالحق الفلسطيني، فماذا قدّمت كل القوى التي كانت وما زالت تدّعي دعمها سوى الخراب الذي نراه في غزة، وآلاف القتلى من شعب يحلم بوطن ودولة مستقلة وكيان سياسي؟

وقع الكثير من الفلسطينيين والعرب ضحية أدعياء المقاومة، وكانت جهود فيلق القدس وفيلق فلسطين تغزو كل العواصم العربية وتقتل العرب وتهاجم الحكومات دون أن تحرر شبرًا واحدًا من الأراضي المحتلة.

كانت مشكلة الوعي العربي تتفاقم بسبب الكثير من الكتّاب والمحللين العرب الذين شرعنوا بجهدهم الإعلامي دور قوى إقليمية طامعة بالأرض العربية، مستغلين الحماسة تارة والجهل تارة والحقد تارة أخرى، فقدموا لأجلها التحليلات المزيفة والقراءات المغلوطة والمقالات الحاقدة، وهاجموا الحكومات العربية التي كانت تقدم الدعم الحقيقي للقضية وللفلسطينيين في الداخل، بينما سار الجمهور العربي وراءهم مفتونًا ومصدقًا ومستسلمًا.

من المؤكد أنَّ الدور الإيجابي للمملكة المستمر والراسخ لا يرضي إسرائيل ومن معها من صهاينة العرب والغرب من الكتّاب والمحللين، ولا يرضي الفرس ومن معهم من مجوس العرب والغرب من الكتّاب والمحللين أيضًا. ولهذا لا نستغرب عندما نقرأ تغريدات أو مقالات أو نشاهد مقابلات فضائية لمفكرين يعرفون حقيقة الموقف لكنهم، لأهداف خاصة، يلوون الفكر العربي للتشكيك بمواقف المملكة أو يسعون للتقليل من حجمها وأثرها وأهميتها.

كل عمل تلك الأقلام المأجورة والعقول المغيبة ليس إلا سرابًا بقيعة يحسبه الظمآن ماءً. وكل جهدهم الإعلامي المأجور غربال لا يحجب حقيقة الدور السعودي الداعم للحق الفلسطيني.

لقد تكالب الأعداء، ولكن الله غالب على أمره. وهي لحظات يكشف الله فيها الذين في قلوبهم مرض.

المستغرب أحيانًا أنَّ الإعلام العربي والكتّاب المعروفين لا يتحدثون بإسهاب عن دور المملكة الدبلوماسي في خدمة القضية الفلسطينية، وهي جهود ظاهرة ومقروءة، لتبيان الحقيقة للجمهور العربي المغيب، ووضع الحجر في أفواه المغرضين.

المشاهد العربي اليوم يحتاج، بالرغم من تنوع وسائل الإعلام، إلى من يرشده للحقيقة ويدرك أن الكثير ممن تحدثوا باسم القضية لم يكونوا سوى تجار مواقف، وأن القضية ليست سوى أوراق سياسية يساومون بها الغرب والصهيونية العالمية، فحققوا برامج عسكرية ومساحات سياسية لا أكثر، وأن هجومهم المستميت ضد المملكة ودول الخليج كان للإبقاء على أوراق القضية الفلسطينية في يدهم فقط.

إن معركة الفلسطينيين ليست مع إسرائيل فقط، بل مع القوى الإقليمية التي تحدثت باسمهم وتاجرت بقضيتهم، والتي خدمها بعض الكتّاب العرب والمحللين في القنوات الفضائية لتكريس دورها وإضفاء عباءة النقاء وتحسين صورتها.

واللوم يقع أيضًا على القوى الفلسطينية التي باعت معاناة الفلسطينيين وتاجرت بالقضية. إن تراجع القوى الإقليمية وانكشاف المأجورين من الكتّاب والمحللين هو الخطوة الأولى لحل القضية العربية الأولى والقضية الإسلامية الأبرز.

الوعي العربي يحتاج إلى وقفة وتأمل لكي يدرك الحقيقة، وأن الوقت قد حان ليقف الجميع مع جهود المملكة المتواصلة لإقامة الدولة الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.