علي بن محمد الرباعي
انشغل (شِيمان) بوالدته الحاسرة فوق كرويتة مرضها منذ أعوام، عن تجهيز ابنته (خرمانة) للمرواح على ابن الفقيه، وما أيّس يعدّي الفقيه عليه في بيته عصريّة مصاييف، فقال؛ يا الرحيم أُمي مثل ما تشوف وما ترى، والصيف في الركبان ما لقيت لي من يروّحه للمسطح، والناس شتّوا وانا ما فضيت أحكّ قفاتي؛ فلو فكيت عنّا دور وإلا دورين لين نقفّض أشغالنا، وبنتي ما بعد انحنى ظهرها، وولدك ما بعد خرقت ايده العصاه، فقال الفقيه؛ ها والسلام؟ ردّ عليه؛ والسّلام، علّق؛ سلمت ولا ندمت، أنا ما جيت أشاورك في مرواح مرتنا، جيت أعسّ الكهلة، وانحن عزمنا الصُدقان، والرفقان، والقِرى عاد مربوط في السفل، وواعدنا الشُّعار ونقاعة الأزيار، بيجون بعد ظهر الربوع، فلا توزينا على الشرهة.
حلف عليه ما يغدي لين يشرب فنجال قهوه، وبعدما التقط نسمته، قال؛ يا فقيه أنت ولد عمّتي، وأنا أدري أن الشيمة في رأسك تغيب أكثر مما تحضر، وأنا أخبر اللي يشب النار، واللي يبخسها ويطفيها، وذلحين إن كان ودّك تحمل وتشيل، ففصّل وخيّط ولبّس واكسِ، وافرش الدوشق، وأنا ولحمتي نجيك مباركة، ولا تكبر الشُّبرة، ما هبيت لنا حبو إلا خمسمية ريال، والناس يزوجون بناتهم على ألف وألفين، وولدك داشرة رجال، بلعها الفقيه، وقال؛ حليل من يقعد في حراك، والله إنك اسم على غير مسمّى، وتراني حملت وشلت، يا متسرّق مرزقه؛ وكان معتنز فاقتعد واعتزى؛ (ابو خرمانة بوه) وأردفها؛ والله ما تلقى علينا كُبر الشعيرة يا خويرة، وتذكر شيبتك يوم جونا الخراصة وعرف أن النيبة عنده، شرد الفيض وهو من أوّل ما غير يفزّر صدره؛ وساعة جاه الخبر قال؛ وش جو يعبون، يخرصون الفقر؟ شحّ بشاة من غنمكم المزاري! ومن جاء مثل آبوه الناس ما عابوه.
عاد مع المغرب، ولقي ابنه (مرحان) قدام باب السفل متحبّط القُفّة، ويتشمشم أذانيها، فنشده؛ وشبك تتحبط القفة الله يخذلك يا ولد المرزيّة، ردّ عليه؛ (خرمانة) عبّتها لي خِلفه ولوز حامض، وريحة حنّاها في عروة القفة؛ فنتره بذراعه، وقال؛ والله يا بوها ما كذب يوم قال إنك؛ داشرة رجّال؛ وأضاف؛ اطلع بقفّتك عند أمك تطبخ لك الخلفة واللوز، وخلّك قريب من جهو السافلة، أرب الله لادق راعدك تصرّف سيله.
لاحظ المذّن، أن (شيمان) قاعد لحاله في ظُلّة المسيد؛ يفهوِن، ويهرّجه وما كنه يسمعه، فقال؛ ما ودك أرسل عليهم كهلتي تهدّ ما بنيتم، وآخذ خرمانة لولدي، ردّ عليه؛ كهلتك أطلق منك يا ضيطان؛ أنت لا تقعد رأس خرمان، ولا تكرِم ضيفان، وما غير تتدلل على البدوان والتهمان؛ والفقيه أبقى لي منك، وانت ما تخلي عنك اللسلسة؛ تحرث الفتنة وتذراها ولا تحضر حصادها، والفتنة كما الشثّة تصرمها ومسرع ما تِحقل، فروّح وخلّاه مكانه، وعزم على المكيدة؛ وعلى أوّله ما وقف إلا عند الفقيه؛ ومدّ له بعشرة ريال قائلاً؛ هذي مباركتي! ردّها عليه؛ وقال؛ اللي ما يمدّ مَدّة الرجال يخلي مرته تمدّ بداله، فردّها المذّن في جيبه؛ قائلاً؛ ما هب من كثرة معاريفك يا صميع أقعد في الّلكمة أنت وزواجك، بغيت آشور عليك؛ تسفل (شيمان) ولحمته، ما هلا يتلحقك انت وشيبانك بكلام ما يجمّل شاربه؛ حطّ فيكم السبع وذمّتها؛ خلّ لحمتك في صدر المجلس يوم المباركة؛ وخلهم عند الباب؛ ولا تكسيهم إلا رمادة.
أصبح (شيمان) على أمه مشحّطة، عصرها الموت وهو في سابع نومة، فتشاءم من الصهارة والرحامة، وحلف إن مدخال الفقيه وولده عليهم مدخال شرّ وردد؛ الله يكفينا شرّ ما تلي، قضى من الصلاة والدفن؛ وجاه الفقيه بعشاه هو وعياله؛ يعزّي ويواسي؛ وما هلا سمع منه؛ معوّض الخير؛ قال؛ جِعلك لحوقتها.
بعد أسبوع، راحت (خرمانة) وما راعى الفقيه حرمة الميّتة؛ دقّ الزير، ونشر الزبير؛ فقال (شيمان)؛ ما يرزى؛ العود الأعوج باخليه في التراب إن تعدّل وإلا شبيت فيه، وصبّح هو وبني عمّه في اليوم التالي مباركين، ولقي لحمة الفقيه متصدرين المجلس؛ فطلّق ما يدخل هو ولحمته إلا إذا خرجوا من المجلس، وقال؛ قليلين العِرف ضيوف وإلا مضيّفين يا عدوّ الصديق؟ ما ردّ رحيمه بكلمة؛ فنشبت النشوب، وعوّدوا من طريقهم لا باركوا ولا تفاولوا؛ وشهر زمان لا يجيهم ولا يجونه؛ وما غير ينشد أمها عنها، وتردّ عليه بخير؛ وضحوة يوم من أيام الشّراف، صاده المذّن خارج من بيت الفقيه؛ نشده؛ كيف لك جيت عند اللي ما يرقع سرّك ولا يرفع قدرك؟ فأجابه؛ يقولون؛ وش حدّك على بيت عدوّك؛ قال؛ صديقي فيه.