: آخر تحديث

دولة فلسطينية.. ولو كره الإسرائيليون!

1
1
1

خالد بن حمد المالك

تحاول إسرائيل التهرّب من أي اتفاق مع حماس لإيقاف الحرب وتبادل تسليم الرهائن، وكلما لاح في الأفق الوصول إلى اتفاق مع تنازلات تتكرر من حماس، ظهر الجانب الإسرائيلي في حالة من عدم الموافقة، مهدداً باحتلال قطاع غزة بالكامل، ومستمراً في الاجتياح وقتل الناس، بينما تكون المفاوضات في أوج اهتمام الوسطاء للوصول إلى قبول ما هو متاح لتخليص الرهائن لدى حماس، ومثلهم لدى إسرائيل، وإيقاف حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل ضد الناس في قطاع غزة.

* *

يجري كل هذا أمام أنظار العالم، وتنديده لسلوك إسرائيل، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، وهي القوة الفاعلة والمؤثِّرة في مسرح العمليات العسكرية في قطاع غزة دعماً للموقف الإسرائيلي، واستخفافاً بتصريحات الدول التي تندد بالعمل الإجرامي الذي تقوم به إسرائيل، وآخرها إقرار تل أبيب خطة الـ(A.1) لاحتلال كل القطاع، متسارعة في ذلك، حتى لا يكون هناك أي اتفاق لا يسمح لها بالعملية البرية، وقد جهزت لها أكثر من ستين ألف مقاتل من الاحتياط، إلى جانب من لا يزالون على رأس الخدمة العسكرية.

* *

ما تقوم به إسرائيل، وكأنها تريد أن تواجه اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية الشهر القادم، على أنه لا أرض لدى الفلسطينيين حتى يتم ترتيب إقامة دولة لهم عليها، وأن كل فلسطين بما فيها الأراضي التي تحت الاحتلال هي جزء من دولة إسرائيل الكبرى، وأن الضغوط عليها، بما في ذلك الموقف الأوروبي لا قيمة لها، ولن تغيّر من سياساتها في جعل كل فلسطين هي دولة إسرائيل.

* *

هذا الاستخفاف بالعالم، ورفض كل القرارات الدولية ذات الصلة بإقامة الدولة الفلسطينية على أراضي الفلسطينيين، وبالتسفيه الإسرائيلي لكل من يقف مع خيار الدولتين لا يمكن فهمه إلا أنه بسبب استثناء إسرائيل بحمايتها من التجريم والمساءلة، وعدم إلزامها بالعقوبات الدولية، وفقاً لما تقرره المحاكم الجنائية وغيرها، إما لضعف قدرة المؤسسات الدولية لتطبيق ما يخص إسرائيل من قرارات، أو أن الحماية الأمريكية لإسرائيل تُفشل أي مجهود أو عمل لمواجهة إسرائيل بما تستحق من عقوبات.

* *

ورغم تعقيدات القضية الفلسطينية، وتداخلها مع مصالح الدول، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، ومع قناعتي بأن إسرائيل على المدى الطويل لن تهنأ بالأمن والاستقرار ما بقيت القضية الفلسطينية معلقة دون حل، فإنه ليس أمام إسرائيل لتكون دولة مقبولة للتعايش معها في المنطقة، إلا بقبولها بخيار الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية، دون التحجج بأن إقامة دولة فلسطينية يعني إنهاء إسرائيل وجودياً، وهو كلام لا يعتد به، حيث إن إقامة الدولة الفلسطينية ستكون بناءً على ضمانات وشروط لحماية إسرائيل، وضمان أمنها.

* *

وعلى كل حال، فإن تأخر إقامة الدولة الفلسطينية، لا يعني انتهاء المطالبة الفلسطينية بها، ولا إيقاف الجهاد المشروع للتخلص من الاحتلال الإسرائيلي، فهذه حقوق لا تنازل عنها، وهدف لا تخلّي عنه، وأمانة يرثها جيل بعد جيل دون مساومة عليها، أو تفريط بها، حتى وإن كانت القوة العسكرية لصالح إسرائيل، فالقوة الحقيقية هي بإيمان الشعب الفلسطيني بأنه لا تفريط ولا مساومة ولا تنازل عن حقوقهم المشروعة، مهما كلف ذلك من ثمن، ومن دماء، ومن خسائر، فالتمسك بالقضية هو في نهاية المطاف من يجعل الخوف يلاحق الإسرائيليين حتى يقبلوا مرغمين بالدولة الفلسطينية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد