يُنسب إلى معاوية بن أبي سفيان قوله: "لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، قيل: وكيف؟ قال: لأنهم إن مدّوها خلّيتها، وإن خلّوا مددتها".
تعكس هذه المقولة منهجية سياسية تقوم على التوازن بين اللين والشدة، وتجنب التصادم المباشر مع الآخرين. وقد أصبحت "شعرة معاوية" رمزًا للمرونة في التعامل مع الناس، وتُستخدم في وصف السياسات التي تتجنب المواجهة المباشرة، وتُفضل الحوار والتفاهم.
شعرة "سي لطفي": الفن كمرآة للمجتمع
الشعرة الأشهر في أيامنا، أقصد أبناء جيلي، هي التي اشتهر بها الفنان حسن أتلة في السينما المصرية بدوره في فيلم "إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين"، حيث جسد شخصية "سي لطفي" الذي الذي كان يُمسك بيديه "صاجات" ويتمايل يمينا ويسارًا بجسده الممتلئ، ويدندن:
"أنا عمك شفيقة،
ماتزعلش …
أصل أنا عندي شعرة،
ساعة تروح وساعة تيجي..
ساعة تروح وساعة تيجي..
رااااحت"!!
هذا المشهد الساخر يعكس حالة التذبذب والتردد التي قد يعيشها الإنسان، ويُظهر كيف يمكن للفن أن يُجسد الواقع الاجتماعي بأسلوب فكاهي.
بين الرأي والرأي الآخر: ثقافة الاختلاف
وجدت هذا مدخلا لحديثي هنا عن مواقف قد يتخذها اصحاب الرأي تجاه ما يدور من أحداث حولهم. ولاشك أن لاختلاف في الرأي ظاهرة صحية تُثري الحوار وتُعزز الفهم المتبادل. وقد قال الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، مؤكدًا على أهمية التواضع الفكري واحترام آراء الآخرين.
كما يُنسب إلى الفيلسوف الفرنسي فولتير قوله: "قد أختلف معك في الرأي، ولكني مستعد أن أدفع حياتي ثمناً لحقك في التعبير عن رأيك"، مما يُبرز قيمة حرية التعبير وأهمية الدفاع عنها.
الدين والوطن: ثوابت لا تقبل الجدل
بينما يُعد الاختلاف في الرأي مقبولًا في معظم الأمور، إلا أن هناك ثوابت لا تحتمل الجدل، وهي الدين والوطن.
الدين: هو إيمان وعقيدة لا تقبل التغيير تبعًا للأهواء الشخصية.
الوطن: هو الانتماء الذي يُحتم على الفرد الدفاع عنه والتضحية من أجله.
الانتماء للوطن يولّد الولاء، والولاء يُترجم إلى أفعال تُعزز من وحدة الوطن وسلامته.
وأعود مجدداً إلى الفنان حسن أتلة، حيث يظهر في فيلم "اقتلني من فضلك"، في مشهد يجمعه مع الرائع فؤاد المهندس يتحدثان فيه بشكل ضاحك عن البطيخة، وقيام "أتلة" بالاستعانة بـ"الصاجات" مرددًا بخفة الدم التي اشتهر بها: "مش عارف أنا بره البطيخة ولا جوه البطيخة".
هذا المشهد الكوميدي يُمكن أن نخرج منه بأنه مهما كانت مواقفك، وشعورك تجاه امر ما ، فنحن في النهاية لنا موقف واحد تجاه الوطن لا يمكن أن يكون الفرد فيه إلا مع الوطن. فالوطن هنا هو بطيخة لا يمكن، بل ومن غير المقبول منك مطلقا ان تتردد في مواقفك تجاهه، فحين يكون الوطن "على السكين" لا بد أن نكون جميعا صفاً واحداً "جوه البطيخة ".. وإذا كان هناك من هم "بره البطيخة".. فهم هناك ليدافعوا عنه من الخارج، ضد كل من يحاول أن يشقه ليذوق حلاوته من غير أبنائه!!
المهم في نهاية المطاف:
➖إلا "تروح" شعرتك في اتجاه معاكس لمصالح الوطن،
➖أو "تجيء" بأفكار معادية الوطن،
➖والا تكون بطيختك "قرعاء"!!