: آخر تحديث

بين غزّة وأوكرانيا

2
3
3

سلطان ابراهيم الخلف

تحرّك الأوروبيون والأميركيون في مواجهة غزو روسيا لأوكرانيا في 2022، ووقفوا مع أوكرانيا ضد روسيا. فرضوا عقوبات اقتصادية فورية على روسيا، جمدوا الأصول الروسية، ومنعوا استيراد الغاز الروسي، وتعرّضت خطوط إمداده إلى التخريب.

كما قاموا بمدّ الجيش الأوكراني بالأسلحة التقليدية، ودعموا الاقتصاد الأوكراني بعشرات بلايين الدولارات، ناهيك عن الدعم الإعلامي، وقبول أعداد كبيرة من اللاجئين الأوكرانيين. ومع كون الغزو الروسي يشكل تهديداً للقارة الأوروبية، إلاّ أن موقف الدول الأوروبية العسكري لم يكن بالمستوى المطلوب في مواجهة الجيش الروسي، حيث اختفت الأسلحة الأوروبية المتطورة من ميدان المعركة، مثل الطائرات القتالية الحديثة، وقاذفات القنابل، اليوروفاير، والرافال، وأف-35، وحاملات الطائرات، والقنابل الذكية، والصواريخ البالستية، مع أن الأجواء الروسية هي أفضل بيئة يمكن للأوروبيين اختبار تفوق أسلحتهم الحديثة فيها، لأن المنافس الوحيد لها هو الأسلحة الروسية.

ولعل السبب وراء ذلك التردّد هو أن الأوروبيين وحلفاءهم الأميركيين يعون تماماً أن استخدام أسلحتهم المتطورة في مواجهة روسيا سيؤدي إلى تصعيد عسكري لا تحمد عقباه، وقد يؤدي إلى مواجهة نووية، وحرب عالمية ثالثة هي آخر حرب يشهدها سكان الأرض، وستتحول العواصم الأوروبية وموسكو وواشنطن إلى نسخ من نجازاكي وهيروشيما، بعد ضربهما بالقنابل الذرية.

في مسألة غزة الأمر مختلف تماماً، كان التحالف الأميركي الأوروبي الداعم لجيش الكيان الصهيوني على أشدّه، يهدف إلى تدمير مدينة غزة - وقد تم لهم ذلك - وإلى إبادة أكبر عدد من الفلسطينيين فيها - قرابة 200 ألف بين قتيل وجريح بينهم عدد كبير من الأطفال وعلى أقل تقدير 30 ألف طفل قتيل - وتحويل 2.3 مليون إلى لاجئين في معسكر اعتقال كبير.

كانت الأسلحة والقنابل الثقيلة الذكية تتدفق على الكيان الصهيوني دون توقّف، مع الدعم الإعلامي، والمالي، وكان سلاح طيران دولة أوروبية يمسح أجواء غزة دون توقّف، ويقدم الدعم الاستخباراتي للجيش الصهيوني الذي بموجبه يقصف غزة بدباباته وطائراته الحديثة أف-35، ولك أن تتساءل: لماذا لم يقم هذا الطيران بمسح أجواء موسكو، وتقديم الدعم للجيش الأوكراني؟

حقاً إنه تصرّف مخجل وغير مسؤول من دولة يطلق عليها عظمى، تفرّ من مواجهة الروس، بينما تستعرض عضلاتها على مدينة صغيرة محاصرة برّاً وجوّاً وبحراً، لا تملك سلاحاً مكافئاً تدافع به عن نفسها!

غزة لا تشكل تهديداً لمستقبل أوروبا، ولا الولايات المتحدة، حتى تتحوّل إلى فريسة بين مخالب هذه الدول، الأمر الذي يؤكد العداء المتأصل في ذاكرة هذه الدول تجاه العرب والمسلمين، ويؤكد مخططاتها التي تهدف إلى تمزيق الدول العربية، وتفتيت كثافتها السكانية ذات الغالبية المسلمة، ومسح هويتها الإسلامية التي تقف حجر عثرة في طريق تنفيذ مشروع الكيان الصهيوني الاستيطاني الكبير من الفرات إلى النيل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد