من عرض هذه الأشياء كتاب «ألف ليلة وليلة»، فقد اكتشفت أخيراً فقط أنه غير معلوم المصدر، فهو مزيج من الروايات والأساطير الهندية والفارسية والعربية، تُرجمت للعربية في أوائل القرن الثامن الميلادي تحت عنوان «ألف ليلة وليلة»، وأضيف إليها الكثير، واشتهرت في الغرب بعنوان «الليالي العربية»، وجرى مع أوائل القرن الثامن عشر، أي بعد ألف عام من كتابتها، إضافة الكثير إليها، ومن أبرز هؤلاء أنطوان غالان، المستشرق والمترجم الفرنسي لـ«ألف ليلة وليلة» (1704–1717)، الذي أدرج قصصاً لم تكن موجودة في المخطوطات العربية الأصلية، مثل «علاء الدين» و«علي بابا والأربعون لصاً»، و«رحلات السندباد»، وساهم في تشكيل المجموعة بطريقة أثرت بعمق على النسخ اللاحقة وعلى الخيال الثقافي الغربي، والعالمي بالتالي. كما حذف قصصاً، أو أعاد كتابتها وترتيبها، لتناسب الأذواق الأدبية والمعايير الأخلاقية لأوروبا، حينها. كما كان لغيره من الكُتّاب الأوروبيين حكاياتهم «الشرقية» الخاصة، بخلاف ترجمات زائفة، وأجزاء لاحقة مستوحاة منها. وبالتالي ما هو مؤكد أن حكايات الكتاب هي نتاج أكثر من مؤلف، وتغطي حقباً زمنية طويلة، لكنها تطورت، بدءاً من الحكايات الشعبية المتداولة في بلاد فارس وشبه الجزيرة والهند منذ القرنين السادس والتاسع الميلاديين، لذا، فإن «ألف ليلة وليلة» ليست عمل مؤلف واحد أو حقبة زمنية واحدة، بل هي مختارات ديناميكية صاغتها ثقافات ولغات متعددة وقرون من السرد القصصي، وعندما وصلت لبغداد أضيفت إليها قصص هارون الرشيد، وقصص من سوريا ومصر، بغية إكمال ألف ليلة وليلة الموعودة. واستمرت الحكايات في التوسع المستمر. وعليه فإن «ألف ليلة وليلة»، بنسختها الحالية، تعتبر بشكل واسع، من التراث العربي، على الرغم من أسبقية وجود مادة الكتاب في طبعة فارسية بعنوان «هزار أفسان» أو ألف قصة، وهي، غالباً، أصل النسخة العربية. وربما يعود السبب في «سوء الفهم» عن أصل كتاب «ألف ليلة»، وأنه جزء الثقافة العربية، يعود إلى الرسومات الكاريكاتيرية والأفلام السينمائية، التي أضفت الطابع العربي على شخصيات الكتاب، كما تم اكتشاف أقدم نسخة مخطوطة من الكتاب في مصر، وهي محفوظة الآن في المعهد الشرقي بجامعة شيكاغو.
أحمد الصراف