: آخر تحديث

هذه هي إسرائيل ولن تتغيّر!

0
0
0

خالد بن حمد المالك

قُلنا وقال غيرنا، لا تصدقوا إسرائيل، لا تأخذوا ما يتم الاتفاق معها على محمل الجد، احذروا من خداعها، ومماطلاتها، وعقيدتها في نكث الوعد، وكونوا على حذر منها، واستفيدوا من التجارب السابقة معها، ولا يلين جانبكم مع كلام معسول منها، فأنتم تتعاملون مع دولة عنصرية توسعية وعدوانية.

* *

وها هي بعد موافقتها على خطة ترمب للسلام، لا تلتزم بوقف إطلاق النار، ولا فتح المعابر ودخول المساعدات وفقاً لما نص عليه اتفاق تنفيذ الخطة، ولم تنسحب من كل المواقع التي وافقت على الانسحاب منها، ويُهدد رئيس وزرائها نتنياهو بأن الحرب لم تنته بعد، وأن أهدافها لم تستكمل بالتزام إسرائيل وموافقتها على الخطة.

* *

إسرائيل استلمت العشرين رهينة أحياء، ويتابع الفلسطينيون تسليمها كل ما وقعت أيديهم عليه من جثامين بين أنقاض المباني التي دمرتها إسرائيل، ولم ترفض تسليم السلاح، غير أن هذا ليس وقته طالما يستمر العدوان الإسرائيلي، ويُقتل من يقتل من بين المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، مع تأكيد حماس بأنها ملتزمة بالتخلي عن سلاحها، والقبول بالترتيبات التي نصت عليها الخطة لإدارة القطاع في الوقت المناسب.

* *

ومن غير المقبول أن يستخدم الرئيس الأمريكي ترمب لهجة حادة في إدانته حماس، وتحميلها مسؤولية فشل تنفيذ الخطة بالكامل، وتهديدها بالجحيم بكلمة واحدة منه لإسرائيل، وهو يعرف أن عدد الضحايا سيكون كبيرا بين المدنيين وإن قُتل من حماس أعداد كبيرة، وهو يُبرئ إسرائيل، ولا يرى أن لها أي دور في إفشال الخطة مع أن لها الدور الأكبر.

* *

حماس منذ البدء قامت بمغامرة السابع من أكتوبر، فأوصلت القضية الفلسطينية والمنطقة بكاملها إلى ما وصلت إليه من هوان وضعف، وانعدام التكافؤ عسكرياً مع إسرائيل، وأصبح رئيس وزراء إسرائيل لا حديث لديه إلا أنه غيّر وجه الشرق الأوسط، ويقصد بذلك أنه أصبح القوة المهيمنة على دول المنطقة، حتى أنه هدد تركيا بمصير إيران، ولنا أن نرى كيف تراجع حزب الله في لبنان، واستسلم لضربات إسرائيل، وهو الذي كان يهددها بالإزالة من الوجود، وكذلك مع إيران، والميلشيات في العراق وسوريا.

* *

حماس ورّطت المنطقة، كما ورّطت القضية الفلسطينية، وأصبح حلم الفلسطينيين باستعادة حقوقهم يمر بتعقيدات وتحديات كبيرة، فالمقارنة بين ما كان عليه الوضع قبل السابع من أكتوبر والآن نجد أن الميزان يميل بشكل حاد لصالح إسرائيل، ولم يبق إلا جهد الأمير محمد بن سلمان في إعادة الميزان إلى شيء من التوازن بالحوار والتفاهمات، وصولاً لإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة بعد أن عجزت الحروب في تحقيقها.

* *

لقد شبعنا من الحروب، وملّت شعوبنا ودولنا منها، وحذّرت مبكراً من التنظيمات التي أعطت لنفسها حق صلاحيات الحرب والسلام، إذ أغرقت المنطقة بخسائر لا قدرة للحد منها، وهزائم لا مجال لمعالجة أثارها، ويظهر من يدّعي بأن السلام والحقوق لا تأتي إلا من القوة والحروب، رغم أن القدرات للقيام بالحروب محدودة، والعدو سيستثمرها في تأسيس وترويج فكر جديد عن مظلوميته، وتهديد أمنه ووجوده.

* *

الحوار قد لا يضمن إقامة دولة فلسطينية، وقد لا يحقق قبول إسرائيل بها، ولكنه الخيار الأفضل من الحروب المدمرة على شكل ما حدث في قطاع غزة، مع علمنا بأن إسرائيل ماكرة ومراوغة وكذابة، ولا تعترف -وإن اعترفت- بأي اتفاق معها على أنه ملزم، فهذا نهجها، وهذا تاريخها، وهذا هو الانطباع الصحيح عن سلوكها، اعتماداً على التجارب والتفاهمات السابقة معها.

* *

تذكروا أن أمريكا هي الوسيط، ونحن نعرف الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل، المتعاطف معها، بحيث لا تنتظروا منها أن تكون على مسافة واحدة، ولا تتوقعوا بأن موقفها سيكون عادلاً، وعلى الجميع أن يضع ذلك باعتباره، ويؤسس من الآن لسياسة جديدة لا تفرّط بالحقوق، ولا تتنازل عن مصالحها، ولكن ولو بقليل من الحكمة، وبعد النظر، يمكن أن نمتلك زمام المبادرة نحو حل شامل وعادل لا يحرم الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة، وإن كان ذلك يحتاج إلى عمل كبير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد