: آخر تحديث

تخلّص من عدوك

2
2
2

سارة النومس

مقولة مللنا من كثرة استخدامها «الوقت كالسيف إذا لم تقطعه، سيقطعك»... تداولناها من دون وعي أثناء دراستنا في المراحل الابتدائية والمتوسطة، وما إن يرن جرس إعلان الفسحة، نهرب مسرعين كي نلعب ونضيع الوقت في الكلام والحديث الكثير.

كلما كبرنا تعمقنا أكثر في هذه الجملة. حاول أن تفكر قليلاً بالناس من حولك، هناك أشخاص تعرفهم دائماً مشغولين على الرغم من قوة علاقتك بهم، إنهم جادّون في حياتهم وعندما ينشغلون فهم لا يخجلون من الاعتذار منك ولن يجرحوا مشاعرك.

وهناك أشخاص فارغون صحبتهم وأحاديثهم رائعة، لكن مع الوقت ستكتشف أنهم من ملهيات الحياة، كل يوم يدعونك لكافيه أو مشاهدة فيلم في السينما أو تضييع وقتك في رفاهية، حتى وان كانوا هم ناجحين في حياتهم، إنهم ناقوس خطر (لك أنت).

مع الوقت ستفكر بمهامك التي أجلتها نظير أوقات السعادة مع هؤلاء الأصدقاء، إما أن تقرر التجاهل والفشل في أداء مهامك، أو أن تقرر فوراً إيقاف فوضى الفراغ بالاعتذار منهم والتوقف عن لقاءاتك المستمرة بهم... ربما يغضبون منك أو يقرروا قطع علاقتهم بك حتى، أو توبيخك والاستمرار في الضغط عليك نفسيا حتى يضيع المزيد من الوقت.

أتذكر في وقت مضى، كنت عندما أضع إشارة في باب المكتب «مشغولة حالياً» كان الزوار يكثرون ويتحدثون بأمور لا علاقة لها بالعمل، وما إن ينتهي وقت العمل حتى يرحلوا. كنت حينها أتأخر في أداء مهامي، إلى أن تجرأت في قولها بصراحة، تقبل البعض منهم والبعض غضب، وقليل منهم استمر في إزعاجي حتى قمت بإغلاق الأضواء في مكتبي حتى أنتهي من أداء مهامي.

لن تستطيع أن تفرض مبادئك للناس، فكثير منهم لا يكترث بجديتك أثناء القيام بمهامك في العمل أو مشاريعك، وإنني أؤكد على أن معظم المشاريع التي فشلت بين الشباب اليوم هي بسبب «الملهيات»... ربما يكونون بصورة أصدقاء، أو أوقات يمضونها في عمل شيء لا معنى له، معتقدين أن له علاقة بما يقومون به، أو إدمان لعبة ما، أو حتى إدمان التواصل الاجتماعي.

تأكد أن المشهور في التواصل الاجتماعي وقته ثمين، فهو يقوم بتصوير إعلانه ونشره ليضيع وقتك. يشعر الكثير من الناس بالازعاج من مفهوم «إدارة الوقت»، فلنغير المسمى إلى «الاستمتاع بوقتك». والاستمتاع هنا أقصد إنجاز المهام «الضروريات»، الانتهاء من الأعمال المهمة، قضاء الوقت مع أسرتك، التواصل الاجتماعي، ولكن إلى حد معقول... محادثة النفس من أمتع الأمور التي تجعل الإنسان يعرف كيف يتجه لتصحيح أخطائه وتجاهلها من أعظم الأخطاء.

الفاشلون، هم الذين ترعرعوا في بيئة محبطة لا إنجازات فيها ولا إبداع، والهدف من الأسرة حينها هو المساهمة في التعداد السكاني فقط، من دون تخطيط ووجهة، لا يحسنون استغلال وقتهم في تربية أبنائهم التربية الصالحة، وتوجيههم ورسم مبادئهم وحدودهم مع الناس، وعندما يكبر أبناؤهم يصبحوا عالة على من حولهم، فهم من مضيعات الوقت في حياة كل إنسان يبحث عن النجاح، وعادة يكونون أصحاب سوء، واستطاع العديد منهم تحويل ناجحين إلى مشروع جحيم فاشل.

يملكون مواهب كثيرة في الحديث الحسن والجميل، وترتيب الأفكار ومساعدة الناس «موقتاً» لكن كل ذلك ما هو إلا فخ يرسم للايقاع بضحايا تبحث عن النجاح والإبداع. اجعل حسك الداخلي قوياً وفكّر في كل من حولك، إذا وجدت تلك النماذج، فتخلص منها فوراً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد