يقال في عالم الإدارة إن وجود موظف مبسوط طوال الوقت مؤشر على وجود خلل ما، ويقال أيضاً إن المدير الذي يحاول إرضاء الجميع سوف يقوده هذا السلوك إلى الفشل.
في الحالة الأولى يتعلق الأمر بالكمال، والكمال لله، لا يوجد إنسان لا تمر به ظروف مزعجة إما بسبب خطأ، أو بسبب ضغط العمل الذي يقع عليه بسبب تميزه.. هذا الضغط يؤثر على نفسيته وأدائه وعلاقته بزملاء العمل وعلاقته الأسرية.
في الحالة الثانية صحيح أن من مهام المدير تحقيق الرضا الوظيفي للموظفين لأهمية ذلك في تحسين الأداء والإنتاجية لكن مسؤولياته تقتضي تحقيق أهداف المنظمة، وهو أمر يتطلب اتخاذ قرارات قد لا ترضي الجميع، إذا حاول إرضاء الجميع فقد يكون ذلك على حساب الأهداف المنشودة. هل هناك تعارض بين تعامل المدير الإنساني مع الموظفين ومسؤوليته في تحقيق الأهداف؟ أليس ذلك هو أحد العوامل المهمة المساهمة في تحقيق الرضا الوظيفي؟ أليس الرضا الوظيفي هو إحدى ركائز بيئة العمل الإيجابية؟ ما الذي يمنع أن يكون المدير قوياً حازماً دقيقاً في تقييم الأداء وفي الوقت نفسه يتعامل باحترام وإنسانية؟ المدير الجدي في مسألة واجبات ومسؤوليات العمل وفي الانضباط والدقة وتطبيق الأنظمة سيجد التفاعل الإيجابي من الموظفين إذا كانت تلك الجدية على الجميع وبأسلوب يتسم بالتواصل الإيجابي الموضوعي.. المدير المتميز يمتلك مهارة القيادة التي تجعله يركز على الجوانب المهنية لكنه لا يغفل أهمية الذكاء العاطفي الذي يساعده على التفاعل الاجتماعي الإيجابي والقدرة على تفهم الآخرين وتوفير بيئة عمل لا تحول الإنسان إلى آلة.
يعتقد البعض أن المدير القوي هو المدير العابس الذي لا يتحدث إلا مع فئة محدودة، منعزل، ليس لديه وقت للتفاعل الإنساني، لا يملك مهارة التحفيز، لا يطبق مبدأ المشاركة، يظن الإخلاص في العمل والنجاح ليس له إلا طريق واحد هو التفرغ التام كل الوقت للعمل والجوانب المهنية.
المدير (القيادي) هو الذي يجمع بين القوة المهنية والقوة الإنسانية ولا يـكون بين القوتين تناقض أو تنازع؛ وإنما تكامل.

