: آخر تحديث

سنبقى ننتظر دولة فلسطين!

2
2
2

إنَّ تضليل عقول البشر هو على حد قول باولو فرير "أداة للقهر"، من هذا المنطلق يبدو أن الخوض في الأحداث الأخيرة في غزة صورة حقيقية تجسد هذه المقولة، فبعض الأخبار التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام لها أكثر من وجه، ويمكن لأي دولة داعمة للقضية أو ضد القضية من أساسها الاستفادة منها وفق الوجه الذي يخدم توجهها، بمعنى في الشرق الأوسط وتحديداً دول الخليج ما زالت تسعى وفق الاستراتيجيات المتبعة لحل الدولتين، وتقوم بدورها بكل صدق وتقدم الحلول العملية لتسيير كل بنود الاتفاقية المبرمة مؤخراً بين حماس وإسرائيل، والتي اليوم - وأعني الاتفاقية - تقف إلى حد ما في المنتصف، فلم تُنفذ بشكل فعلي، بالرغم من الخطوات الإيجابية في البداية لتنفيذها والالتزام من الجانبين حول تقديم حسن النية، بالرغم من الاختراقات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة والضفة الغربية، لكن ما زالت الآمال قائمة والجهود المبذولة من الدول المشاركة في تقدم العمل الدبلوماسي المنوط بها وفق التعاون المشترك بينهم وبين الوسيط الفعلي لحل هذه الأزمة.

يتحدث كثير من المحللين السياسيين عن صعوبة التزام إسرائيل بكل تفاصيل الاتفاقية، ولا يعنيها نجاحها في شيء طالما هي لا تخدم أهدافها الاستيطانية، وإبعاد أكبر عدد ممكن من الشعب الفلسطيني عن ديارهم، وفي الوقت نفسه هم لا يريدون أن يخسروا التعاطف والدعم الأميركي بقيادة الوسيط الفعلي لهذه القضية وهو الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي ما زال يباشر تفاصيل هذه الاتفاقية، لكن دون رغبة كافية، ويبدو أن رئيس الولايات المتحدة لا يقف من هذه القضية العادلة حيث يجب أن يقف كوسيط بين الطرفين، وقد يلاحظ العالم هذا الأمر دون أدنى شك، تبقى التفاصيل الحقيقية في هذه المسألة مرتبطة بجانبين أساسيين هما دول المنطقة، وأعني بالتحديد دول الخليج - السعودية والإمارات وقطر - والجانب الآخر منظمة حماس التي لا تساعد دول المنطقة في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وما زالت تمارس الفوضى، وتصر على أن يبقى هذا النزاع على صفيح ساخن.

حماس لا تعرف كيف تتعامل مع المواقف الحقيقية للسلام، وهي تشعر أن هذا السلام سيلغي وجودها، ولن يصبح لها تأثير أو سلطة حقيقية، وهذا بالفعل ما يجب أن يحدث، فلو قدمت حماس كشف حساب عن تاريخها مع القضية الفلسطينية لن تكون النتائج إيجابية كما يعتقدون؛ بدليل أن الشارع الفلسطيني لا يريد استمرار هذه المنظمة، ولا يسعى لأن تكون صاحبة قرار وسلطة، وهم يرون أن ما وصلت إليه الأحداث في العامين الماضيين كان بسبب حماس وعدم تقديرها للأمور بالشكل الحقيقي.

يبقى السؤال المهم في هذه الأزمة وهو مرتبط بحماس بعد الاتفاقية: ما هي مكتسبات حماس من بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) "طوفان الأقصى" كما يصفونه؟ المراقب للوضع السياسي لا يجد شيئاً، بل خراب ودمار وقتلى بالآلاف، لذا فإن نشر بعض الأخبار التي تصف أن حماس حافظت على كرامة الفلسطينيين وحقوق فلسطين والأمة العربية والإسلامية، ووضعت للفلسطينيين هيبة تخشاها إسرائيل هي أخبار مضللة، ولا تمت للحقيقة بصلة.

اليوم حماس لديها فرصة، بالرغم من أن الإسرائيليين لا يؤتمن جانبهم، لكن طالما هناك دول كثيرة على المستوى العربي والغربي تؤمن بالقضية الفلسطينية، وتقر حل الدولتين، فمن الواجب استغلال هذه الفرصة كما يجب، والبحث عن كل السبل التي تعزز من المضي في إنجاح هذه الاتفاقية، بالرغم من أن الجانب الإسرائيلي هو الرابح الأكبر من هذه الاتفاقية، لكن تستطيع حماس أن تسير بهذه الاتفاقية إلى حيث تكون المكتسبات مقبولة، وفي اعتقادي أن وجود دولة فلسطين بشكل حقيقي بكل مكوناتها الأساسية هو إنجاز ونجاح قد يُسجل لحماس بعد سنوات من الاستقرار، و(قد) يخرج من يقول خلال السنوات القادمة، وبعد أن تصبح فلسطين دولة حقيقية ذات سيادة، يبرر فعل حماس في عملية "طوفان الأقصى" بأن من نتائجها دولة حقيقية تتمتع بكامل السيادة، وبالتأكيد هو تبرير غير حقيقي، لكن التاريخ يدون كل شيء، حتى الآراء السياسية أصبحت مدخلاً في بعض الأحيان لكتابة التاريخ مع الأسف!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.