ما المعايير التي تستند عليها بعض القنوات الإعلامية في استضافة من يتحدث للجمهور في المجالات المختلفة؟ هل شهرة الشخص التي قد تكون وليدة التفاهة كافية لإجراء مقابلة مع هذا الشخص؟ أم هي الإضافة التي سيضيفها للمتلقي؟ التخصص والثقافة العامة والموضوعية واحترام المتلقي شروط أساسية لاختيار من يحظى بشرف التحدث للجمهور. كيف يكون التعصب والتطرف وقلة الأدب هي المؤهلات التي تؤهل من يمارس هذه السلوكيات لمخاطبة الجمهور كما يحدث في هذا الزمن.
كشفت وسائل التواصل الحديثة عن بعض العقول الباحثة عن الشهرة وعن المتابعين من خلال طرح فكر مخالف للدين والمنطق والثقافة وأخلاقيات الحوار، فكر غير عقلاني يتعمد استهداف الإثارة عبر التعصب والتطرف والطرح السطحي أو الطرح المثير للفتن، فكر لا يضيف علماً ولا حلولاً ثم يتفاجأ المتلقي أن أصحاب هذا الفكر يتم استضافتهم في لقاءات تخاطب الجمهور! هذا هو التشويه الفكري الذي يعكر صفو الحياة ويعمل بكل سذاجة أو بتعمد على إحداث انقسام اجتماعي، أو جدل بلا فائدة لأنه بلا هدف.
ثمة فارق كبير بين نقاش علمي ينشد الحقيقة وبين طرح آراء وأحكام قاطعة لا تقبل النقاش، الأول حرية التفكير والتعبير فيه منضبطة، الثاني يعتمد على الانفلات والفوضى ومبدأ (خالف تعرف)، مبدأ تغير إلى (كن تافها تربح).
استغل ممارسو التشويه الفكري القنوات الإعلامية الحديثة لنشر ثقافة التفكير السلبي والآراء القاطعة التي لا تستند إلى براهين علمية، الأسوأ من ذلك استضافتهم في قنوات أخرى بمعيار الإضافة الوحيدة وهي تحقيق الإثارة والمتابعة.
مهمة هؤلاء في الحياة هي نشر الفكر المحبط، التشاؤم، الإشاعات، المحتويات الهزيلة، التطرف، الاحتفاء بالفشل، والتشكيك في الإنجازات. هؤلاء يفتقدون إلى مهارات الذكاء العاطفي وأبرزها مهارة إدارة الذات، ومهارة الاتصال، وقد يلجأ البعض إلى الذكاء الاصطناعي فيستخدمه بشكل سيئ لنشر الإساءات للأفراد أو للمجتمعات.
ليتنا نجرب فحص الذكاء العاطفي كأحد معايير استضافة من يخاطب الجمهور.