ريهام زامكه
دعتني صديقة (فاضية) في يوم ماله (داعي) إلى طلعة خفيفة لطيفة -على حد تعبيرها- قائلة: «تعالي نغيّر جو ونطلع (ندور) بالسيارة شوية، وكما تعلمون كلمة (ندور) عندنا ليس معناها (نبحث) فقط، بل لها عدة استخدامات أخرى غير البحث عن شيء.
(ندور) بالسيارة معناها (نلفلف)، نتمشى، (نمتّر) الشوارع ذهاباً وإياباً، ونرجّع الذكريات، وأحياناً نضيع؛ لأن Google map فقد عقله وما زال معلقاً أهل جدة في السودان.
وصلت صديقتي وخرجت من البيت وأنا (أدوّر) نظارتي الشمسية كالعادة، وبعدما (دُرت ودوّرت) وجدتها أخيراً بين أغراضي، ركبت السيارة وقلت لها: اليوم سوف تقودين أنتِ الرحلة، وسوف استمتع أنا بقهوتي، فقالت لي: لا عليكِ، سوف (ندوُر) قليلاً على الكورنيش وبعدها (ندوّر) مطعم نتعشى فيه.
فقلت لها: والله إنك (تدورين) إما على الزحمة أو وجع الرأس.
المُهم؛ (دورنا) نحن الاثنتان عن موضوع نتجاذب فيه أطراف الحديث، وبدأت صديقتي بالكلام عن ذكرياتنا، وسفرياتنا، وسهراتنا، وروحاتنا وجيّاتنا، وأخذنا الحديث إلى أن أصبحنا (ندور) على محطة بنزين.
وبعد ساعة من الدوران، وجدنا محطة، ولكننا وصلنا ولم نجد فيها أحداً، و(دورنا) على أي عامل فوجدنا لوحة مكتوب عليها «مغلق للصلاة»، مع العلم كان المتبقي ربع ساعة تقريباً على موعد الأذان.
ولكن وعلى كل حال ما علينا؛ انتظرنا كغيرنا مجبرين إلى أن وصل العامل وملأنا السيارة (فُل) حتى نُكمل (دوارتنا) وتنفرج أساريرنا.
أخبروني؛ من منّا لا يبحث عن السعادة، نحنُ نبحث عنها و(ندورها) وكأنها ضائعة في أيام طفولتنا، نبحث و(ندور) دائماً عن راحة البال في زحمة المشاغل والهموم والمسؤوليات والالتزامات، أحياناً (ندور) على مفاتيح قلوبنا، وأحياناً (ندور) على عقولنا بعد نقاش عقيم مع بعض الناس، وأحياناً (ندور) على كلمات حينما يعز الكلام، نبحث و(ندور) على ناس تفهمنا وتشبهنا، وأحياناً (ندور) على أنفسنا أصلاً.
والآن بصراحة وبعد كل ما سبق أنا (أدور) عن فكرة لأكتب لكم مقالاً (لا تدورون) بعده عن أي مقال، اعتبروها نرجسية مشروعة وتحملوني كما أتحملكم دائماً، فأنا (أدور) الكلمات والأفكار في رأسي كما تدور الملابس في (الغسالة)، وكما يجيد البعض «المراوغة» بحرفية، (أدور) عن مفردات لا يطالها «مقص الرقيب»، و(أدور) عن فكرة ذهبية يقف عندها القارئ ويقول: «هذا السطر يتحدث عني أنا».
وإلى حين ميسرة؛ (دوروا) أنتم عن ما يستفاد من هذا المقال، فعن نفسي تعبت من «اللف والدوران»، والآن لم أعد (أدور) إلا على سريري فقط وأنا أدندن:
(وينك يا درب المخدة).