: آخر تحديث

كيان الإرهاب والشر بلاء وامتحان

6
6
5

حسن اليمني

لا تستطيع فهم العبث الجنوني للكيان المحتل في المنطقة ما لم تصل إلى فهم معمق لطبيعة بني إسرائيل، وفي كتاب الله الكريم نجد تفصيلا دقيقا لهذه الطبيعة العقلية والنفسية، وتغير العصور والحقب الزمنية لا يغير العقلية والجينات المتوارثة وبالتالي هؤلاء هم أولئك.

بداية فإن بني إسرائيل ليسوا فقط اليهود خلافاً لما يترسم في أذهان كثير من الناس، ودليل ذلك أن عيسى عليه الصلاة والسلام هو من بني إسرائيل مثله مثل موسى عليه السلام، لكن اليهود اتبعوا - زعماً - النبي موسى والنصارى اتبعوا النبي عيسى، والفارق بين الاتباع في الحالتين هو الفارق بين الكِبَر والتواضع، جاء في سورة آل عمران الآية 52 قوله جل وعلا: {مِنْ أَنْصَارِي إِلَى اَللَّهِ قَالَ اَلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اَللَّهِ آمِنًا بِاَللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} وفي سورة المائدة الآية 24، {قَالُواْ يَمُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَعِدُونَ}، وليس هناك بعد هذا وصف أدق للتوضيح بين الكِبَر والتواضع مثلما هو الفارق بين آدم عليه السلام وإبليس الرجيم.

أما بالنسبة للسامية والتي ترفعها العصابات المسيطرة على فلسطين المحتلة فليست الانتساب إلى سام بن نوح بل إن المقصود بها بفهمهم أو تدليسهم هي الصهيونية على أنها عقيدة أيدلوجية ثقافية ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر بين تحالف متطرف يهودي مسيحي يعتنق القوة المادية لتحقيق أعلى درجات الكِبَر والغرور في التعالي واحتقار الآخر أو تسخيره لخدمتها، هذه هي السامية الصهيونية الحاكمة للنظام الدولي والشرعية الدولية اليوم.

وإن تحدثنا خارج الأيدلوجية الثقافية كمنبع أصيل للصهيونية العالمية إلى الاستراتيجية السياسة والعسكرية فليس هناك أدق من السياسات البريطانية والأمريكية لوصفها وإبرازها كمثال دقيق، فإن تحتل عصابات مثلها الغاناه وإرجون وشتيرن وغيرهم لجزء من بلاد العرب والمسلمين - فلسطين - ثم تسارع الشرعية الصهيونية للاعتراف بها وحمايتها فليس إلا عمل منظور ومشاهد وإلا فإن لها من الأعمال السياسية والمالية والعلمية والثقافية والابتكار والاختراع كأدوات مساعدة لبناء القوة العالمية ما يجعل الحديث عن مثل هذه التفاصيل عمل خارج الأدب الصهيوني، وربما عُد اعتداء عليه، غير أن هذا الصلف آخذ في الانحسار بفعل عاملين مهمين حدثاً في العصر الحديث وهما أولاً: الفعل الصهيوني غير المنطقي والذي تكشفه أفعال الكيان المحتل وهمجيته، والثاني: سعة انتشار المعلومة بالصوت والصورة للعالم أجمع بما يتجاوز التهجين والتعتيم المبرمج سواء في التعليم العلمي أو التعليم اللاهوتي أو التأديب الإعلامي، وهذا يظهر في تحول الرأي العام وأن بنسبة تتجه للتصاعد في العالم الغربي حول الكيان الصهيوني وداعميه، وهو تحول ربما في بداياته لكنه بفعل وجود العاملين اللذين ذكرتهما هو في مسار صاعد ومتسع في الانتشار ودائماً يحتاج التحول في وعي وفهم الناس إلى وقت وزمن لتتغير بعده الأحداث.

إن الخير والشر مثل الليل والنهار والحق والباطل، ضدان لابد من وجودهما لتحقيق التكامل، وهما يشكلان الحركة أو الثبات او لنقل حياة أو موت وبالتالي فإن وجودهما هو العنصر الأساسي للحياة، وبهذا المنطق فإن وجود الكيان المحتل في قلب الوطن العربي وخاصرة العالم الإسلامي برغم كونها أداة شر إنما هو تكامل لتحقيق الوجود إذ لابد للحق من محص وصقل ليظهر ويسطع.

إن ما تقوم به إسرائيل من أعمال إرهابية متسعة بلا ضوابط أخلاقية أو شرعية كما فعلت وتفعل حتى اليوم في فلسطين ثم تصوّغ لها قوى صهيونية بأن كل مقاومة ضدها إنما هو عداء للسامية وإرهاب تجعل الحديث عن حق وباطل مجرد ترف في الغباء وزبد غثاء لا قيمة له، وليست السياسة والعلاقات الدولية إلّا مجرد أدوات لا غايات، والاستمرار في تتبع الأدوات وملاحقتها ليس إلا لهاث مستمر ما لم يكن خلف ذلك بناء للقيمة والقوة في الأصل والعمق، ولن يكون ذلك دون وعي وإدراك عميق لأصل الشيء، وقد بلغ الكيان المحتل من الإرهاب والطغيان ما لم يعد كثير من العقول الداعمة له قادرة على هضمه ولا حتى بلعه بما يعطي هذه المحن التي تزاحمنا في المنطقة وتنكل بطموحاتنا بهذا السرطان الخبيث قوة دفع للاستيقاظ والبعث من جديد، والمسكين من ارجأ النصر لأجيال قادمة ولم يستطعم حتى نشوة المحاولة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد