علي عبيد الهاملي
حوارات كثيرة ومساجلات عديدة وأخبار متفرقة، تابعناها خلال الفترة الأخيرة على مواقع الاتصال الاجتماعي، إضافة إلى مقالات قرأناها في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، تطرح موضوع جامعة الدول العربية، وضرورة إحداث تغيير ملموس ينسجم مع الواقع الجديد الذي فرضته الأحداث، ومع الزمن الذي تغيّر، وتغيّرت معه مراكز القرار، وعواصم القرار، وقواعد القرار، وحيثيات اتخاذ القرار.
ما تم طرحه في هذه الحوارات والمساجلات والمقالات من أفكار لم يكن تقليدياً مقارنةً بالطرح الذي استمعنا إليه كثيراً خلال السنوات الماضية، فهو لا يتعلق بإعادة النظر في دور الجامعة أو إحياء هذا الدور فقط، وإنما يدعو إلى تغييرٍ جوهريٍ فيها، وتداول المنصب الأعلى في أمانتها العامة، وإتاحته للدول التي تقود مسيرة الأمة العربية الآن، وتحتل مكان الصدارة من حيث القوة السياسية والاقتصادية والتأثير والمكانة الدولية، وهي التي كان يُطلَق عليها سابقاً دول الأطراف، مقابل الدول التي كان يطلق عليها دول المركز، والتي احتكرت المقر والمنصب وأغلب الوظائف منذ تأسيس الجامعة.
ربما يبدو هذا الطرح للجيل الذي شهد نشأة وصعود الجامعة العربية، وحضر أو تابع مؤتمرات وقرارات القمم العربية في زمن ذلك الصعود، غريباً من الصعب استيعابه، لكنه في نظر الجيل الذي لم ير ولم يعش سوى زمن نكوص الجامعة العربية، وتراجع دورها، وضعف تمثيل وقرارات قممها، طرحٌ مقبولٌ ومنطقيٌ جداً، يناسب دور الجامعة وتأثيرها وثقلها في هذا الزمن، لأن جيل هذا الزمن لا تربطه علاقة عاطفية بجامعة الماضي وشخوصها وأدوارها.
ورغم ذلك، فإن الذين يدعون إلى هذا التغيير يرون أنه في هذا الزمن الذي تتغير فيه خرائط السياسة، من الأفضل أن تظل الجامعة العربية قائمة كمرآة لضمير عربي جمعي، يبحث عن ذاته وعن الأمل وسط ركام الخيبات المتوالية.
ومع هذا فإن الحديث عن تلاشي دور الجامعة أو انتهاء صلاحيتها ليس عقلانيّاً.
البعض يرى أن بقاء الجامعة العربية مشروط بتجديد دورها، وتجديد دور الجامعة يتطلب تجديد أدواتها وآليات عملها.
سؤالٌ مهمٌ، ينتظر الجميع إجابته. إنه سؤال نصف المليار من العرب الذين يراقبون رياح التغيير التي تهب على المنطقة، ويتطلعون إلى الأفضل.