: آخر تحديث

دور حماس في تفجير المنطقة!

5
5
5

خالد بن حمد المالك

لا يغامرني أدنى شك أن مغامرة حماس في السابع من أكتوبر كانت مبنية على حسابات خاطئة، وأن تقديراتها لم تكن تتوقع أن تصاب قوتها بالوصول إلى الشلل، أو أن تكون النتائج كارثية على نحو ما نراه الآن، ومع ذلك فهي اجتهادات لم توفق فيها حماس، ولكن لا ينبغي أن ننزع منها حرصها في تحقيق هدف لم يتحقق، وأن هذه المغامرة قادت إسرائيل والتفاف أمريكا والغرب معها مناصرين ومؤيدين وداعمين لما آلت إليه الحرب.

* *

ولا ينبغي الحديث عن حرب غزة وحرب حزب الله وحرب إيران وضربات سوريا خارج السياق بأن أحداث السابع من أكتوبر هيأت لإسرائيل وداعميها الفرصة لتفجير المنطقة، بما جعل إسرائيل تسيطر على كل من تصنفهم بأعدائها، وتُؤخر الحلم الفلسطيني بإقامة دولة لهم سنوات قادمة، إن لم تكن قد قضت على هذا الحق المشروع.

* *

علينا أن نُركز على النتائج، فإيران وحماس وحزب الله لم تعد بعد السابع من أكتوبر بذات القوة التي كانت عليها قبل ذلك، وأن ننظر إلى إسرائيل بين ما كانت وبين ما أصبحت عليه، حيث لا تتحدث إلا عن انتصاراتها، وإملاءات شروطها، وقوتها التي تطلق منها عملياتها العسكرية في عدة جبهات دون مقاومة، اعتماداً على استثمار الحالة التي تمر بها المنطقة بعد السابع من أكتوبر.

* *

وأي كلام عن انتصارات تحققت ضد إسرائيل، وهزائم تعرضت لها في أي من الجبهات، هو تغريد خارج الحقيقة، وهروب عن توصيف الواقع، وإرسال رسائل لا تتعايش مع ما ينبغي أن يُقال، وإنما بهدف امتصاص الحالة النفسية للمواطنين، واسترضائهم، ورفع معنوياتهم، وهنا نكون كمن يبيع لهؤلاء الكلام.

* *

نحتاج في التعامل مع الإرهاب الإسرائيلي، وإلى مواجهة عنصريتها واحتلالها لأراضينا إلى مراجعة حقيقية وجادة للسياسات، وإلى بناء قوات قادرة على المواجهة، وإلى تنسيق عربي وإسلامي يقوم على إستراتيجيات فاعلة، كما يفعل عدونا، ومع غياب ذلك، فنحن أمام انتصارات وهمية، وكلام تذروه الرياح، واستمرار المراوحة حيث نحن الآن ودون تغيير.

* *

المشكلة الأساسية تاريخياً في منطقتنا هي في أرض محتلة، وحقوق تُنكر، وقرارات دولية يُرفض تنفيذها، ودول كُبرى تقف مع المحتل، وتناصر الظالم، وفي المقابل لا تنسيق بين المتضررين، ولا قُدرات لانتزاع الحقوق بالقوة، فيما أن المفاوضات السلمية لم تفض إلى شيء، وإنما يتم تنظيمها لإضاعة الوقت، وضمن سياسة التسويف الذي اعتدنا عليها لتذوب القضية.

* *

وبالنظر إلى الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، والعربية الفلسطينية، فإنه يستعصي الحل، ويستحيل الخروج من هذا النفق المظلم، ويصعب تجاوز الأمر الواقع، بالاتجاه إلى حلول توقف التفريط بالدولة الفلسطينية التي بدأت أراضيها تتآكل لصالح إسرائيل، بإنشاء البؤر الاستيطانية، وتفريغها من أهاليها، سواء في الضفة الغربية، أو في قطاع غزة.

* *

حل الإشكال والأزمة مع إسرائيل ليس في متناول اليد أمام عدو لا يلتزم بالقوانين الدولية، ولا بالقرارات ذات الصلة بقيام الدولة الفلسطينية، ولا باتفاقياته مع الجانب الفلسطيني، والإشكال أصبح أكثر تعقيداً بعد السابع من أكتوبر، فقد تهيأت لإسرائيل القوة والقدرة، ومُنحت المجال لتقويض قوة خصومها، وأقول - بألم- ربما تكون المنطقة على موعد بما هو أسوأ، ولن تكون أحداث السابع من أكتوبر خارج أسباب هذا التحول في ازدياد قوة ونفوذ إسرائيل، وضعف قدرات الفلسطينيين والآخرين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد