: آخر تحديث
في تغيير جريء يروم وقف اختراق عناصر "البوليساريو" لأراضيها

موريتانيا تقرر رسميًا غلق حدودها مع الجزائر

1
1
1

إيلاف من الرباط: أعلنت سلطات نواكشوط، في قرار رسمي صادر عن الجيش الموريتاني، السبت، إغلاق الحدود الشمالية مع الجزائر، بسبب قلقها من التحديات الأمنية في تلك المنطقة الحدودية الحساسة.

وجاء في البيان أن منطقة "البريكة" الاستراتيجية، الواقعة في أقصى الشمال الشرقي من البلاد، قرب مخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر)، أصبحت منطقة مغلقة بالكامل، في خطوة أمنية مفاجئة جاءت عقب ما وصفته مصادر رسمية موريتانية بـ "توغل غير مشروع" لعناصر من جبهة البوليساريو، يُعتقد أنها كانت تُعد لهجوم عسكري انطلاقًا من الأراضي الموريتانية ضد مواقع مغربية داخل المنطقة العازلة.

ويعد قرار غلق الحدود الأول من نوعه الذي تتخذه نواكشوط في علاقة بنزاع الصحراء، وهو ما يعكس تحولًا جديدًا في مقاربة الحياد التقليدي الذي تبنّته موريتانيا حيال هذا النزاع الدائر بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر، لصالح مقاربة جديدة تضع السيادة الوطنية الموريتانية وأمنها الحدودي في مقدمة الأولويات الوطنية.

تحذيرات سابقة وتحول صامت في الموقف
وأفادت تقارير إعلامية موريتانية بأن التفكير في اتخاذ القرار بدأ بعد رصد عبور سيارة عسكرية محملة بقذائف من نوع "غراد"، كانت في طريقها لاختراق الحدود باتجاه الجدار الدفاعي المغربي، قبل أن يتم تدميرها بواسطة ضربة جوية دقيقة أسفرت عن مقتل جميع العناصر على متنها.

ونقلت صحيفة "أنباء أنفو" الموريتانية عن مصادر عسكرية أن "المنطقة الآن باتت محظورة على المدنيين"، وأن هذه الخطوة تأتي في سياق تطويق ما وصفته بـ"الانفلات الأمني المتزايد" و"وقف استغلال الحدود في أنشطة غير قانونية، بينها التهريب والتحركات المشبوهة".

ويرى مراقبون في نواكشوط أن هذا القرار، الذي تريثت وكالة الأنباء الموريتانية في نشره، لم يكن معزولًا عن سلسلة تحذيرات وجهتها موريتانيا في الأشهر الأخيرة إلى الجزائر، بشأن تحركات مسلحة في المنطقة الحدودية القريبة من تندوف، دون أن تلقى الاستجابة الكافية من الطرف الجزائري.

ضغوط متزايدة على المشروع الجزائري في الساحل
ويمثل إغلاق حدود "البريكة" ضربة استراتيجية لمشروع الجزائر في التمدد نحو عمق الساحل وغرب إفريقيا، لا سيما في ظل ما تراهن عليه الجزائر من خلال "الطريق العابر للصحراء" الذي يربطها بنيجيريا والنيجر. إذ يُنذر القرار بتعطيل مسارات برية كانت تشكل متنفسًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا للجزائر نحو الجنوب.

في المقابل، يُتوقّع أن تستفيد الرباط من هذا المتغير الجديد لتعزيز شراكاتها مع نواكشوط، خصوصًا في ما يتعلق بالأمن الحدودي، وحماية طرق التجارة، والمشاريع الإقليمية الكبرى مثل أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، وميناء الداخلة الأطلسي، وباقي المبادرات المغربية الموجهة لدول الساحل الإفريقي.

تغيير في الاصطفافات الإقليمية
يُقرأ التحرك الموريتاني على نطاق واسع كمؤشر على بداية تبلور محور جديد في المنطقة المغاربية، يضم المغرب وموريتانيا وعددًا من دول الساحل، في مواجهة ما تعتبره هذه الدول تهديدات أمنية عابرة للحدود و"مشاريع توسعية لا تحترم سيادة الجوار".

ويرى خبراء في الشأن المغاربي أن موريتانيا، بقرارها الأخير، بدأت في مراجعة نهج "الحياد السلبي" الذي طبع علاقتها بنزاع الصحراء لعقود، معتبرين أن "إغلاق الحدود ليس مجرد إجراء أمني بل تعبير عن تحول جيو-سياسي أعمق".

انعكاسات مرتقبة على الاتحاد الإفريقي 
وعلى مستوى المؤسسات الإقليمية، يُرجّح أن يؤثر هذا التحول في مواقف موريتانيا داخل الاتحاد الإفريقي، خاصة فيما يتعلق بملف الصحراء، الذي ظل يشكل نقطة توازن حرجة في علاقاتها الثنائية بكل من المغرب والجزائر.

وفيما لم تُصدر الجزائر أو جبهة البوليساريو أي تعليق رسمي على القرار، يُتوقّع أن تشهد الأيام المقبلة تحركات دبلوماسية إقليمية لإعادة ضبط التوازن، في وقت تتزايد فيه عزلة الجزائر الجيوسياسية، وسط تحديات أمنية متصاعدة على حدودها الجنوبية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار