وارسو: اعلن البيت الابيض مساء الجمعة ان المحققين الاميركيين يستبعدون فرضية الارهاب في اطلاق النار في دالاس الذي قتل فيه خمسة من عناصر الشرطة.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست الذي يرافق الرئيس باراك اوباما الى قمة حلف شمال الاطلسي في وارسو ان "المحققين استبعدوا الان بشكل علني ان يكون الشخص الذي ارتكب عمل العنف الفظيع على علاقة بمنظمة ارهابية في الولايات المتحدة او خارجها. لا اظن ان هناك صلة بمؤامرة ارهابية".
واضاف المتحدث ان ليس هناك خطط فورية لتغيير ترتيبات سفر اوباما والعودة الى الولايات المتحدة، موضحا "سنتابع (الاحداث) من كثب، واذا حصل شيء يستدعي تغيير الترتيبات سنعلن ذلك".
وفي وقت سابق الجمعة دان اوباما "الهجمات الشنيعة، المحسوبة والمقززة"، مؤكدا ان "لا شيء يبررها".
صدمة في أميركا
لا يزال الاميركيون تحت تأثير الصدمة الجمعة بعد مقتل خمسة عناصر من الشرطة في اعتداء ارتكبه قناص في دالاس اعلن نيته قتل البيض ردا على عنف الشرطة بحق السود.
وادى الاعتداء ايضا الى جرح تسعة اشخاص، بينهم سبعة من عناصر الامن، وهي الحصيلة الاسوأ لعدد الضحايا التي تسجلها الشرطة الاميركية منذ اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2011.
واعلن البيت الابيض ان المحققين يستبعدون فرضية الارهاب في اطلاق النار في دالاس. وامر الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة بتنكيس الاعلام خمسة ايام في الولايات المتحدة حتى 12 تموز/يوليو حدادا على عناصر الشرطة.
وقتل المشتبه به الرئيسي في المسؤولية عن الاعتداء على يد قوات النخبة في الشرطة. وهذا الرجل الاسود البالغ 25 عاما هو ميكا جونسون الذي قال البنتاغون انه كان جنديا في القوات البرية الاميركية وخدم بشكل خاص في افغانستان.
وادى انفجار العنف على خلفية عرقية، الى اشاعة الفوضى في مدينة دالاس الكبيرة في جنوب الولايات المتحدة حيث تم مساء الخميس تنظيم تجمع احتجاجي على مقتل رجلين اسودين برصاص شرطيين في لويزيانا ومينيسوتا.
ودان اوباما الذي يشارك في قمة الحلف الاطلسي في وارسو "الهجمات الشنيعة، المحسوبة والمقززة"، مؤكدا ان "لا شيء يبررها".
وصباح الجمعة كان خبراء المتفجرات والمحققون يعملون على جمع الادلة في وسط مدينة دالاس. ولم يعرف العدد المحدد للمشتبه بهم الذين شاركوا في اطلاق النار مساء الخميس.
وبقي جونسون القناص الرئيسي مختبئا على مدى ساعات داخل احد المباني، قبل ان يقتل بواسطة رجل شرطة آلي موجه يحمل عبوة ناسفة. وذكر قائد شرطة دالاس ديفيد براون الجمعة ان القناص الرئيسي ابلغ مفاوضيه انه اراد قتل الاميركيين البيض، خصوصا منهم الشرطيين، وانه لا ينتمي الى اي مجموعة.
واضاف براون "لا توجد كلمات لوصف الفظائع التي ضربت مدينتنا. كل ما أعرفه هو أن هذا الانقسام بين الشرطة ومواطنينا يجب أن ينتهي".
وكان جونسون يعيش في احد ضواحي دالالس بحسب ما افادت وسائل اعلام اميركية وهو لا يملك سجلا جنائيا ولم يكن منتميا الى اي مجموعة متطرفة.
فوضى عارمة
وتحدث شهود عيان في مكان إطلاق النار في دالاس، وخصوصا المتظاهرين الذين كانوا محتشدين للاحتجاج على عنف الشرطة، عن لحظات ارتباك واطلاق نار كثيف وسكان يفرون في كل الاتجاهات.
وقال شاهد "كان هناك سود وبيض ولاتينيون، الجميع كان هنا للاحتجاج. ثم سمع (اطلاق نار). شعرنا وكان اطلاق النار موجه نحونا. سادت الفوضى، كان الوضع اشبه بالجنون".
وافاد القناص الرئيسي قبل مقتله انه زرع قنابل "في كل أرجاء" المدينة.
وتم توقيف عدد من المشتبه بهم في اطلاق النار، وفق ما اوضح رئيس بلدية دالاس مايك رولينغز، رافضا تحديد عددهم، ومشيرا الى ان اطلاق النار ادى ايضا الى اصابة اثنين من المدنيين بجروح.
وقبل اطلاق النار كان المئات تجمعوا في هذه المدينة الكبيرة في اطار سلسلة من التحركات في مختلف انحاء الولايات المتحدة للاحتجاج على العنف الذي تمارسه الشرطة بحق السود بعد مقتل رجلين في لويزيانا ومينيسوتا برصاص شرطيين ونشر اشرطة فيديو عن الحادثين شاهدها الملايين.
واوضح رولينغز في مقابلة مع احدى وسائل الاعلام الاميركية ان القناصة قتلوا خمسة شرطيين وجرحوا تسعة اشخاص آخرين هم سبعة مدنيين وشرطيان، مضيفا ان المشتبه بهم الموقوفين وبينهم امراة سوداء لا يبدون تعاونا.
وكان التجمع انتهى للتو عندما سمع الرصاص قرابة التاسعة مساء الخميس (2,00 ت غ الجمعة). وبدا واضحا ان القناصة الذين فتحوا النار مع انفضاض التجمع يستهدفون رجال الشرطة، وفق السلطات.
وبدأ المسلحون اطلاق النار على رجال الشرطة من موقع مرتفع، وفق ما اكد قائد شرطة دالاس ديفيد براون.
وبعد ساعات، مع تقدم الليل، استمر تبادل اطلاق النار بين الشرطة والمشتبه به الرئيسي.
ودفع الامر الرئيس باراك اوباما الى الدعوة مجددا لاصلاح سلك الشرطة بصورة عاجلة.
وعلق المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الجمهورية هيلاري كلينتون تجمعاتهما الانتخابية الجمعة عقب ما شهدته مدينة دالاس.
وتعهد ترامب مواجهة ما وصفه بالعلاقات المتدهورة بين السود والبيض في الولايات المتحدة، واصفا هجوم دالاس بأنه "مروع".
وكتبت كلينتون على تويتر "أنعي رحال الشرطة الذين قتلوا اثناء ادائهم واجبهم المقدس لحماية المتظاهرين السلميين، واعزي عائلاتهم وجميع من عملوا معهم".
ونشر شهود على الانترنت اشرطة فيديو عن تبادل اطلاق النار يسمع فيها دوي الرصاص وصفارات سيارات الشرطة.
عنصرية وانتشار الأسلحة
وتنتشر الاسلحة بشكل كبير في ولاية تكساس، حيث يجيز القانون لمن لديه رخصة التجول بالسلاح.
ونشرت فرق من شرطة التدخل السريع في المدينة بعد بدء اطلاق النار في التاسعة مساء (2,00 ت غ الجمعة) وفق قنوات التلفزة المحلية، واعلنت هيئة الطيران المدني منع التحليق على ارتفاع يقل عن 2,5 ميل فوق المدينة باستثناء طائرات النجدة تحت اشراف شرطة دالاس.
وقال المسؤول في شرطة دالاس ماكس جيرون "هناك عمليات تفتيش عدة جارية بحثا عن متفجرات في وسط المدينة، سيستغرق الامر بعض الوقت".
واصطف عدد من رجال الشرطة لتأدية التحية او واضعين يدهم على صدرهم خارج المستشفى الذي نقلت اليه جثث رفاقهم في دالاس.
وتحدث اوباما الخميس عن "مشكلة خطيرة" تعانيها الولايات المتحدة. وقال ان من الواضح ان اعمال القتل ليست "احداثا معزولة" بل تشكل "اعراضا للتحديات الاكبر في نظامنا القضائي" متحدثا عن "فروق عنصرية" وعن "انعدام ثقة بين قوى الامن ومجموعات كبيرة من السكان".
وفي ذروة الاحتجاجات، نفت "حركة السود مهمة" أن تكون تسببت بصب الزيت على النار. وقالت انها "تكافح من أجل الكرامة والعدالة والحرية، وليس القتل".
وتجمع بعد ظهر الجمعة في وسط دالاس المسؤولون الدينيون وقادة اخرون من اجل دقيقة تأمل.
ووجهت وزيرة العدل الأميركية نداء من اجل التهدئة ورفض الكراهية. وقالت "اطلب من جميع الأميركيين وأناشدهم ألا يدعوا هذه البلاد تنجرف الى ما حدث هذا الاسبوع".