قد تكون القراءة الدبلوماسية الكويتية بعيدة كل البعد عن التحليلات السياسية البريطانية للوضع الراهن في الكويت وتطوراته ومستجداته، فجسور العلاقات مع مراكز البحث والأكاديميين والدوائر السياسية المختلفة قد تكون كسولة أو تفتقد اليقظة والفطنة!
كانت للكويت نافذة إعلامية نشطة عبر المركز الإعلامي في لندن حتى قرار الإغلاق في العام 2007. فبعد ذلك تجمدت العلاقات مع الصحافيين والسياسيين والباحثين البريطانيين الذين يفضلون التعامل مع جهة محايدة ومنفتحة على الجميع دون تحفظ أو انتقائية أو مجاملات دبلوماسية.
اتجاهات التحليلات السياسية البريطانية لم تتغير بالنسبة للكويت والديمقراطية والحريات، فقد تلمست شخصياً ذلك الاهتمام البريطاني أثناء لقاءات فردية وجماعية وحلقات نقاشية في العاصمة لندن على هامش سياحتي البدنية.
قد يكون هناك قدرٌ كبيرٌ من الضبابية حول الوضع السياسي في الكويت بعد حل مجلس الأمة في 10 مايو الماضي، وتعليق بعض مواد الدستور، خصوصاً بعد انتخابات 2024 التي زادت فيها نسبة المشاركة الانتخابية نتيجة توجيه ورغبة سامية.
يعتقد كثير من المراقبين والمتابعين للسياسة الكويتية أن الوضع يسير نحو المبهم والغموض بالنسبة للدستور والتعديلات المتوقعة من الحكومة واستئناف الحياة الديمقراطية بعد انتهاء مهمة التنقيح والتعديلات على مواد الدستور ربما بسبب غياب شفافية العمل الحكومي!
الظروف الإقليمية لم تتغير، بل ظلت كما هي بتناقضاتها وتعقيداتها خليجياً وعربياً، لذلك انتفت العوامل الإقليمية على الأقل بالنسبة للمتابعين والمراقبين الغربيين وربما يكون أحد العوامل التي تحفز التركيز على الشأن الكويتي المتورم سياسياً!
تثير السياسة الكويتية يقظة التحليلات البريطانية المتزايدة في وضع الكويت وظروفها ومستجداتها، لكن اليقظة تستدعي توافر معلومات وبيانات عن كافة التطورات الأخيرة قبل وبعد حل مجلس الأمة وهي مفقودة في الواقع من الطرف الرسمي!
تتحفظ الأوساط البريطانية على ابتعاد الكويت عن الساحة الدولية والعلاقات مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وكثافة الزيارات على مستوى غير وزاري، فالكويت لها تاريخ فاعل ومؤثر في الساحة الدولية والإقليمية.
وبحسابات القرب والبعد، الكويت باتت بعيدة عن الساحة الإقليمية والدولية باستثناء البيانات الإنشائية وتلك اللغة المتكررة والمواقف التقليدية التي طغى عليها الخمول!
هناك توجس غربي من وضع الإخوان المسلمين في الكويت وعدم تقليص الدور أو تضييق الخناق كما فعلت دول خليجية مجاورة للكويت، وهناك توجس من تراجع الحريات والديمقراطية في الكويت وأفول نجم دستور 1962!
سجل الكويت ناصع البياض دبلوماسياً وسياسياً في الساحة الدولية والإقليمية، لكن ربما بعض التطورات المحلية حفزت الضبابية على بياض اللون لسجل الكويت الدولي والإقليمي.
ثمة استفهامات بريطانية كثيفة تقتضي اليقظة الكويتية والانتباه والرد والتعليق والتوضيح حتى لا تسود الضبابية في تقييم وتحليل الوضع السياسي الكويتي، وهي مهمة الحكومة، أي رئيس الحكومة الشيخ أحمد العبدالله تحديداً.
صمت أو عدم سماع صوت رئيس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله منذ تولي مهامه على الساحتين المحلية والدولية، بلا شك، يصب الزيت على نار الضبابية البريطانية خاصة والغربية عموماً بالنسبة للوضع الداخلي الكويتي والموقف من التطورات الدولية والإقليمية.
الخمول له أسبابه وظروفه، والسكوت له تداعياته وتعقيداته، لذلك اليقظة مطلب مهم للغاية، والفطنة أشد إلحاحاً من أي وقت مضى، ولابد من قراءة دقيقة لوضع الكويت حتى يتمكن الغرب من القراءة السليمة والموضوعية للوضع الداخلي في الكويت ومستقبل الديمقراطية فيها.
استفهامات غربية مشروعة تحتم كثافة الاهتمام واليقظة والفطنة في الكويت، فالوضع الإقليمي يزداد توتراً واحتداماً عسكرياً وسياسياً، وقد يكون له انعكاسات على الوضع في الكويت!