تنتظر الدول العربية والعالمية إعلاناً قادماً من العاصمة السورية دمشق، يتضمن القبول بتطبيق القرار 2254 من أجل توقف الصراع الدائر منذ عام 2011 والشروع في مفاوضات بين النظام والمعارضة لتشكيل قيادة سوريا الجديدة.
الانهيارات المتتالية للنظام في حلب وحماة، ساهمت في إعادة القرار 2254 إلى الطاولة بقوة، وسط معلومات أشارت إلى أنَّ روسيا حاولت مراراً في السنوات الأخيرة إقناع النظام الذي يعد حليفاً لها بالمباشرة في تنفيذ القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن في عام 2015.
ويحثّ القرار على مفاوضات رسمية بين الحكومة السورية والمعارضة للبدء بعملية انتقال سياسي، مع دعم دور الفريق الدولي كمنبر رئيسي لتحقيق تسوية سياسية دائمة، ويدعو إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة خلال ستة أشهر، مع صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات نزيهة في غضون 18 شهراً، ودعم وقف إطلاق نار شامل بمجرد بدء عملية الانتقال السياسي والسماح بوصول المساعدات الإنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة، والإفراج عن المحتجزين تعسفياً، ووقف الهجمات ضد المدنيين، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين والنازحين وتأهيل المناطق المتضررة ومنع وقمع الأعمال الإرهابية التي يرتكبها على وجه التحديد تنظيم داعش وتنظيم القاعدة أو المرتبطين به، و"جبهة النصرة" التي غيرت اسمها إلى "هيئة تحرير الشام" وتقود اليوم العملية العسكرية "ردع العدوان" ضد النظام السوري.
وبحسب المعلومات، فإنَّ المعارضة السورية، وعلى وجه التحديد "هيئة تحرير الشام" التي تقود إلى جانب فصائل أخرى المعركة، لن تدخل دمشق ومناطق الساحل السوري، وسيقف هجومها في حمص، وسينضوي جميع المقاتلين بما فيهم مقاتلي الهيئة تحت مسمى جديد قد يُطلق عليه اسم الجيش السوري الوطني الجديد، وبحال نجاح المفاوضات وعملية الانتقال السياسي سيُصار إلى ضم عناصر وضباط الجيش السوري إليه.
إقرأ أيضاً: لبنان في مأزق والحل وصاية جديدة؟
وتشير المعلومات إلى أنَّ شكل النظام القادم قد يذهب أكثر باتجاه الحكم الفدرالي في المناطق الجنوبية والشمالية والشرقية وفي الساحل، مع وجود جيش واحد وعملة واحدة وجواز سفر واحد لجميع السوريين، كما يشير مصدر مطلع إلى "أن روسيا حاولت كثيراً دفع النظام إلى القبول بالقرار 2254، وترى أن الهجوم الحالي للمعارضين قد يتلاقى مع أهدافها طالما أنَّ وجودها خصوصاً في منطقة الساحل غير مهدد".
ومع تسارع الأحداث، كان لافتاً اعتماد زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، اسمه الحقيقي أحمد الشرع للتعريف عنه عوضاً عن اسمه الجهادي السابق، وهذا يؤشر إلى أنَّ الرجل يحضر نفسه للمرحلة القادمة، رغم أنه لا يزال على لائحة الإرهاب الأميركية وعلى رأسه مكافاة تبلغ قيمتها عشرة ملايين دولار أميركي.
ومنذ دخول اتفاق خفض التصعيد حيّز التنفيذ، بسط الجولاني سلطته في إدلب، وأعلن خلال السنوات الماضية أكثر من مرة أنَّ الاستعدادات قائمة على قدم وساق لاستعادة حلب، وإلى الجانب العسكري عمل قائد الهيئة على محاولة تغيير صورته أمام المجتمع الدولي والقول إنَّه نزع عن نفسه رداء التطرف وأصبح أكثر ميلاً لاستيعاب الأقليات في سوريا.
إقرأ أيضاً: "وحدة الساحات" من الحرب الشاملة إلى بيانات النعي
واستفادت المعارضة السورية وعلى رأسها الجولاني من عوامل عديدة ساهمت في نجاح حملتها الأخيرة، أبرزها رغبة الروس في الدفع باتجاه تطبيق القرار الدولي، وهذا ما تجلى في غياب الطيران الروسي عن استهداف فصائل المعارضة كما حدث بين عامي 2015 وصولاً حتى 2018، واضطرار حزب الله إلى سحب جزء كبير من قواته إلى لبنان للمشاركة في الحرب التي دارت بينه وبين إسرائيل في الأشهر الماضية، وأيضاً الضربات الكبيرة التي تعرض لها، والانكفاء الإيراني إلى حد كبير في مد النظام بالعتاد والعديد كما حصل في السنوات التي تلت عام 2013، وهذا ما يفسره متابعون بأنَّ طهران تنظر بريبة إلى خطط النظام السوري حيالها، حيث هناك خشية إيرانية من الخروج من المولد السوري بلا حمص، رغم كل تقديماتها.