القضية أكبر من أن يتم تناولها في مقال (يحمل وجهة النظر الرياضية)، وأوسع من أن يتطرق لها رأي واحد، ورؤية واحدة لعقل واحد تحكمه ثقافة بعينها، حتى وإن ادعى الانفتاح وقبول كافة الآراء، القضية ببساطة تتعلق بتناول نجوم ومشاهير الرياضة وخاصة كرة القدم لقضايا سياسية وانتخابية ساخنة في فترات تمثيلهم لمنتخب الوطن.
مبابي يصرخ: انقذوا فرنسا من اليمين
قبل ساعات، وقبلها في مناسبات عدة تحدث كيليان مبابي نجم منتخب فرنسا في الشأن السياسي الانتخابي، وصرخ بأعلى صوته وبصورة مباشرة طالباً من شباب فرنسا التحرك والتصويت بقوة وكثافة في المرحلة الثانية من الانتخابات الفرنسة الأحد المقبل من أجل منع اليمين المتطرف من الحصول على أغلبية مطلقة في الانتخابات الفرنسية، واللافت أنه فعل ذلك قبل ساعات من مباراة مصيرية في ربع نهائي يورو 2024 أمام منتخب البرتغال، حيث تقام المباراة الجمعة.
عداء مباشر لليمين المتطرف
مبابي فرنسي، وله مطلق الحرية في أن يعبر عن رأيه ورؤيته في شؤون وطنه، فأين المشكلة؟ ببساطة مبابي وغيره من نجوم منتخب فرنسا أطلقوا هذه التصريحات في معسكر منتخب فرنسا الحالي في بطولة أمم أوروبا بألمانيا، أي أنهم تحدثوا بدرجة واضحة من عدم الحياد، بل انحاوزا لأحزاب سياسية ضد أخرى في الوقت الذي يرتدون فيه شعار منتخب فرنسا الذي يمثل إيمانويل ماكرون، ومارين لوبان في نفس الوقت.
تدخل مبابي و عدالة التنافس بين الأحزاب
أما ثاني المشكلات فهي أن مبابي مؤثر في الأوساط الشبابية الفرنسية بطريقة لا يضاهيه فيها أشهر الشخصيات الفرنسية بما في ذلك الشخصيات السياسية أو الثقافية أو الفنية أو غيرها، ومن ثم فإن تدخله سوف يوجه الدفة التصويتية في اتجاه ما، وهذا ما ألمح إليه جوردان بارديلا أحد أهم وجوه اليمين المتطرف، منتقداً تصريحات نجم منتخب فرنسا.
انقسام جماهيري
أما ثالث المشكلات المرتبة على تصريحات مبابي السياسية، فهي حدوث انشقاق في الدعم الجماهيري الذي يحيط بالمنتخب، فالجماهير من بينها اليميني واليساري، وقد يكون هناك لاعب يعيش في نفس المعسكر الكروي مع مبابي ولكنه يدعم اليمين مثلاً.
بالطبع لا يوجد في فرنسا على وجه التحديد سقف لحرية التعبير، وهي الحرية التي تلامس حافة الفوضى في كثير من الأحيان، ومن ثم يحق لمبابي وغيره التعبير عن رؤيتهم السياسية في قضايا وطنهم ، ولكن كما أرى لا يحق له أن يتحدث عن الوطن بطريقة قد تثير الانقسام وهو يرتدي قميص منتخب الوطن.
هل أقول لكم سراً؟ مبابي لديه صداقة وثيقة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومن ثم بدأ الحديث في فرنسا عن أن ماكرون طلب من مبابي انقاذ رقبته هذه المرة، ودعوة الشباب في فرنسا للتصويت ضد اليمين المتطرف، كل هذا يجعلنا نعود لنسأل مبابي "لماذا يا مبابي تأخذنا إلى عالم السياسية، ونحن لا نراك سوى مبدعاً في المستطيل الأخضر؟".