وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي
وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ
إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا
(أحمد شوقي)
في مساء يوم الاثنين العاشر من رمضان 1446 هـ الموافق للعاشر من آذار (مارس) 2025، وقع الرئيس أحمد الشرع (رئيس الجمهورية العربية السورية) والقائد مظلوم عبدي (قائد قوات سوريا الديمقراطية) اتفاقًا تاريخيًا وعظيمًا كان بشرى سارة لكل سوري وكل محب لسوريا وأهلها.
وهذا الاتفاق مع الدولة السورية أو أي اتفاق آخر مع أحد مكونات المجتمع السوري فرصة حقيقية لبناء وإعمار سوريا الجديدة التي تحتضن الجميع.
هذا الاتفاق قطع الطريق على كل من راهن على قيام الأكراد أو أي مكون آخر بإحداث فوضى وتقسيم وانقسام لوحدة المجتمع السوري.
وكان لطمة من العيار الثقيل لكل قوى الشر في الداخل السوري وخارجه التي تريد نشر الفوضى والانقسام والفتنة والاقتتال الداخلي على حساب تضحيات ومستقبل الشعب السوري الذي ضحى بالغالي والنفيس للحصول على حريته والعيش في وطنه بكرامة.
وهذا الاتفاق ليس وثيقة عادية بل حدث تاريخي غير وسيغير من مجريات الأحداث والواقع في سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط، وسوف يكون له تأثير وأثر كبيران على مستقبل سوريا والشرق الأوسط.
ونص هذا الاتفاق العظيم على ضمان حقوق كافة السوريين، وأن جميع مكونات المجتمع السوري جزء أصيل في الكيان والدولة السورية، ويؤكد اندماجهم تحت إدارة واحدة، مما يعزز من الوحدة الوطنية وأمن واستقرار سوريا، وأن الجيش واحد والسلاح بيد هذا الجيش فقط ولخدمة الدولة، وأن الموارد والثروات ملك للوطن ولمصلحة الجميع.
وجاء هذا الاتفاق ليؤكد أن جميع مكونات المجتمع السوري تقف صفًا واحدًا ضد جميع التهديدات التي تحاول النيل من أمن ووحدة سوريا، وأنهم على أتم الاستعداد لدحر مخططات ودعوات التقسيم وأي محاولة لبث الفرقة وإشعال نيران الفتنة وتأجيج الصراعات بين مكونات المجتمع السوري.
وحق لكافة السوريين ولنا جميعًا الفرح بهذا الاتفاق الذي يثبت إدراك جميع مكونات المجتمع السوري لأهمية وحدة وأمن الوطن الواحد.
والتفاف الشعب السوري حول نفسه وحول وطنه وقيادته دليل على إحساس بالغ بالمسؤولية ووعي ونضج كبيرين للعقلية السورية، وتقدير مستحق من السوريين لأنفسهم ولدماء الشهداء وللتضحيات العظيمة التي قام بها هذا الشعب لنيل حريته وكرامته وبناء وطنه الواحد، وأن سوريا للجميع بدون أي تمييز أو عنصرية أو تفرقة، وبما يحقق السلام والكرامة لكل سوري مخلص لوطنه.
إقرأ أيضاً: دمار غزة المحزن جريمة نكراء
بفضل بطولات وتضحيات الشعب السوري، أصبحت سوريا "وطن واحد لشعب واحد بعلم واحد وجيش واحد" في ظرف مدة وجيزة لا تتعدى الثلاثة شهور، بعد كفاح طال أمده على مدار خمسين عامًا وأكثر للتخلص من النظام البعثي الأسدي البائد.
حيث قدم خلالها الشعب السوري تضحيات خالدة في الأرواح والأموال والممتلكات، وكان الثمن قاسيًا وكبيرًا، حيث استشهد أكثر من 700 ألف سوري، وعانى خلالها المجتمع السوري من القتل والخوف والخطف والاعتقال والتعذيب والتهجير والفقر والعوز والجوع وضياع الأملاك والمدخرات والفقد واليتم والتشرد في دول الجوار وكافة أصقاع الدنيا.
كانت الانتصارات والإنجازات على قدر الأماني والتطلعات والتضحيات، فتحقق على أرض الواقع انتصار مجلجل مزلزل وإنجاز تاريخي غير مسبوق، تُوج بعودة وطن لأهله، حتى ولو امتزج ذلك برائحة الدم وأزيز الرصاص وهدير المدافع وصرخات المكلومين، ولكن تبقى العبرة بالخواتيم.
إقرأ أيضاً: البعث العربي الاشتراكي: نهاية مأساوية
وبمشاعر الفرح والفخر، أقف احترامًا لهذه البطولات والتضحيات ولهذا الاتفاق التاريخي، وهنئًا لسوريا الكيان والإنسان، وإلى الأمام في مسيرة البناء والإنجازات، ولا عزاء لكل حاقد.
ويعيد التاريخ نفسه في ذكرى الانتصارات الخالدة، ففي العاشر من رمضان 1446 هـ كان هذا الاتفاق التاريخي الذي يعد انتصارًا عظيمًا، يذكرنا بالعاشر من رمضان 1393 هـ، ذلك اليوم التاريخي الذي انتصر فيه العرب على إسرائيل وكسروا شوكتها.
كلمة أخيرة لمحور الشر بقيادة إسرائيل وإيران: "آن الأوان لسوريا أن تبقى حرة أبية رغم أنوفكم".