إلى جانب ذلك، فإن كل وزارة وجهة حكومية، تملك قياديين ومستشارين من الخبرات والتخصصات في كل قطاع أو إدارة، إضافة الى الإشرافيين والموظفين الذين يعلمون في هذه الإدارات ويتمتعون بخبرات كافية كل في مجاله.
فمع وجود هذا الجيش من الموارد البشرية، في كل قطاع من قطاعات الدولة، نتوقع كمواطنين، أن تصدر قرارات الوزارة، بعد دراسة واستشارة، وتأنٍّ.. على الأقل!
الا أن ما شهدناه أخيراً من وزارة المالية بإصدار اللائحة الجديدة لرسوم حق الانتفاع بأملاك الدولة، ومن ثم سحب القرار لمزيد من الدراسة جاء خلافاً لما نتصوره من عمل منظم ومدروس.. وللأسف في إحدى أهم وزارات الدولة.
ولست هنا بصدد تقييم رفع رسوم حق الانتفاع بأملاك الدولة من عدمه، ولا بصدد تقييم قيمة المبالغ، التي كانت زيادة مبالغاً بها بالنسبة لأملاك دولة لا تعتبر ذات مدخول أو عائد على المنتفع بها، عدا كون الانتفاع بها انتفاعاً ترفيهياً أو معنوياً كالشاليهات على سبيل المثال، فالمواطن الذي يتمتع بحق الانتفاع، غالباً ما يستغل الشاليه لقضاء العطل أو ما شابه ذلك على عكس المنتفع بقسائم صناعية أو استثمارية وغيرها، هذا فضلاً عمن دفع مبلغاً وقدره مقابل تنازل حق الانتفاع بشاليه أو غيره، وفقاً للرسوم القديمة، ليفاجأ بارتفاعها ارتفاعاً غير منطقي.
بل النقطة التي يجب أن نتوقف عندها، هو كيفية صدور القرارات، خاصة في وزارة كوزارة المالية التي تعتبر العصب التنظيمي لأموالنا العامة وميزانيتنا، فكيف يصدر عنها قرار، تسحبه الحكومة مشكورة في اليوم التالي، لمزيد من الدراسة.. في اعتراف شفاف وصريح من الحكومة مشكورةً، بأن وزارة المالية، لم تدرسه بشكل كافٍ!.
ويجعلنا ذلك نتساءل سؤالاً مشروعاً، هل وزارة المالية تعمل وفق مبدأ قياس ردات الفعل، بالتالي تصدر قرارات عشوائية لتقيس مدى رضا الشارع عنها، ثم تستجيب لما تقيسه من الشارع؟!
كما أن السؤال المشروع الآخر هو: لماذا تتحمل الميزانية العامة تكلفة عدد من المستشارين في طاقم عمل كل وزير، إذا كانت القرارات تصدر بهذه العشوائية، وتسحب لمزيد من الدراسة!
وفي الأخير، شكراً لمجلس الوزراء الموقر الذي تنبَّه للقرار.. ولم يتردد في تصحيح المسار، فرسوم حق الانتفاع بأملاك الدولة، يجب أن تتم إعادة تقييمها، ولكن زيادتها بالقدر المعقول الذي يتناسب مع الملك الذي ينتفع به المواطن.