: آخر تحديث

الذكاء الاصطناعي التوليدي

4
4
4

يتبادر إلى الذهن تساؤل متجدد حول ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي تصاعد الحديث عنه مؤخراً، ويُنظر إليه كأحد المحركات الرئيسة لبناء مستقبل متقدّم، وانعكاساته المحتملة على مختلف القطاعات. وإذا عدنا قليلاً إلى الوراء، سنجد أن «التقنيات الحديثة» تسير بخطى ثابتة في مسارات غير تقليدية، والذكاء الاصطناعي التوليدي واحد من أبرز تجليات هذا التحول. فهذه التقنية انتقلت فعلياً من مرحلة الأبحاث والنماذج المغلقة إلى مواقع القرار وعمليات التنفيذ، حيث تشير تقارير حديثة إلى أن قطاعات واسعة بدأت بالفعل في تطبيق حلولها، بدءاً من الموارد البشرية، إلى سلاسل الإمداد، وصولاً إلى مجالات التسويق والتصنيع.

أرقام الشركات المتخصصة في الاستشارات تعكس مؤشرات واضحة على التحول الجاري في النماذج التشغيلية، إذ تشير الدراسات إلى أن خفض التكاليف التشغيلية بفضل هذه التقنية بلغ في بعض الحالات 30 في المئة، ما يبرز قدرتها على تقديم حلول مباشرة تتجاوز المفهوم التقليدي المرتبط بتقليل النفقات، لتصبح أداة لتحسين الجودة، وتسريع القرارات، والوصول إلى بيانات دقيقة تُحلّل في لحظات.

وفي دول الخليج، تظهر مؤشرات واعدة على توسع استخدام هذه التقنية. فإحدى الدراسات التي شملت 140 جهة حكومية وخاصة، أظهرت أن 75 في المئة منها بدأت فعلياً في تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات متعدّدة، منها التسويق، والهندسة البرمجية، وخدمة العملاء. كما أن نصف هذه الجهات وضعت خرائط طريق لتوسيع الاستخدام ضمن مشاريعها الرقمية المستقبلية.

ولتقدير حجم التوسع المتوقع، تشير التقديرات إلى أن الإنفاق العالمي على هذه التقنية سيصل إلى أكثر من 202 مليار دولار أميركي بحلول عام 2028، ما يمثل ثلث الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي، ويعكس الثقة العالية بجدواها الاقتصادية، واستعداد المؤسسات لتوجيه ميزانياتها نحو أدوات قادرة على صناعة التحول. وتُظهر الدراسات أن النماذج التخصصية في الذكاء التوليدي تشهد تطوراً سريعاً، ومن المتوقع أن تمثل 50 في المئة من إجمالي الحلول المستخدمة بحلول عام 2027. كما أن استخدام الروبوتات المدعومة بهذه التقنية من قِبل ملايين المستخدمين حول العالم، يعزّز من فكرة أن مستقبل العمل سيكون مزيجاً من التفاعل البشري والبرمجي.

نحن اليوم أمام بداية مرحلة ستُعيد رسم ملامح قطاعات بأكملها، ليس فقط على مستوى الأدوات، بل أيضاً في أساليب التفكير والإنتاج واتخاذ القرار. والجهات التي تتعامل مع هذا التحول بمرونة وانفتاح، ستكون الأقدر على تحويل الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى عنصر تمكين فعلي في مسيرة التنمية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد