: آخر تحديث

حرب من طرف واحد

3
3
3

خالد بن حمد المالك

تواصل إسرائيل حرب الإبادة بتوسع في قطاع غزة، ويرتفع عدد القتلى بين الفلسطينيين إلى ثلاثمائة، وينخفض أحياناً إلى سبعين إلى خمسين شخصاً في اليوم الواحد، ويكون من بين القتلى نساء وأطفال، ويتم الإجهاز عليهم وهم في سباق نحو البحث عن لقمة العيش في مواقع التوزيع لدى مؤسسة غزة.

* *

يحدث هذا من الطرف الإسرائيلي، إذ إن حماس هي الآن في موقع الدفاع عن النفس بإمكانات محدودة للحد من ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من الأرقام المعلنة، بعد أن نفد سلاحها أو كاد، وانتهت الذخيرة لديها، وأصبحت في وضع لا تُحسد عليه.

* *

الأمم المتحدة تندد باستمرار بجرائم إسرائيل، وتصف ما يحدث بأنه لا سابق له في التاريخ، في وقت تزيد إسرائيل من ضغوطها للإمعان في القتل الممنهج قبل الوصول إلى اتفاق يتوقف فيه القتال في هدنة تمتد لمدة شهرين.

* *

وبعد استسلام حماس، والقبول بالمقترح الأمريكي بالهدنة لهذه الفترة القصيرة التي يتم خلالها إطلاق سراح الأحياء والجثامين لدى حماس، ماذا سيكون الحال عليه في غزة، مع عدم وجود ما يشير إلى تمديد الهدنة، فضلاً عن إيقاف القتال نهائياً؟

* *

أكثر التقديرات، أن إسرائيل سوف تبسط هيمنتها على القطاع، وفرض شروطها، وإنهاء أي وجود لحماس، أو سلاح بين الفلسطينيين، هذا إذا لم يتم تهجير الفلسطينيين، وضم القطاع إلى الدولة اليهودية.

* *

الرئيس ترامب يهدِّد حماس بأنها إذا لم تقبل بالمقترح الأمريكي، وإذا لم تفرج عن الرهائن، فسوف تواجه ما لا سابق له في هذه الحرب، وأنه انتزع من إسرائيل القبول بمشروعه للهدنة، مع أن التحليلات تتحدث عن أن المقترح الأمريكي تم بالتنسيق مع إسرائيل.

* *

وبالتأكيد أن حركة حماس ليس لديها القدرة على رفض المشروع الأمريكي للهدنة، وهي الآن بلا أوراق تناور بها، فيما عدا الرهائن التي تُمارس حماس استخدامهم في مواجهة إسرائيل، ومنع تقدم الجيش الإسرائيلي إلى تلك المناطق التي يشُك بوجودهم فيها، وخوف إسرائيل من القيام بأي عملية قد تكون سبباً في مقتلهم.

* *

لقد طالت مدة الحرب، وما زالت، وليس واضحاً متى لها أن تتوقف بدون هذه الهدنة التي تتبناها الإدارة الأمريكية، وأغلب الظن بأن لا خيار آخر غير هذا الخيار الأمريكي الذي قبلت به إسرائيل، وتجاوبت معه حماس بإيجابية، مع ما فيه من ضبابية وغموض، وربما كان فخاً لما سيكون عليه الوضع بعد الشهرين.

* *

هذه الكوارث ما كان لها أن تحدث، لو لم تكن مغامرة السابع من أكتوبر، فقد أحدثت نتائجها الفرق بين ما كانت عليه إسرائيل، وما أصبحت فيه الآن، حسابات حماس وتقديراتها كانت خاطئة، مع ارتباطها بإيران، وإعطاء ظهرها للعرب، واستفرادها بقطاع غزة في حركة انقلابية، ثم في قيامها بمهاجمة إسرائيل في السابع من أكتوبر.

* *

تصحيح الوضع في فلسطين أصبح أكثر تعقيداً، لكن القوة الحقيقية في مواجهة إسرائيل لقيام الدولة الفلسطينية تبقى حاضرة بتماسك الجبهة الداخلية للفلسطينيين، والثبات في أرضهم، والعودة إلى الحضن العربي، وتضميد الجراح، بمعالجة الأسباب، وإصلاح الخلل، وإنهاء الخلافات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد