: آخر تحديث

صهاينة اليوم هم تتار الأمس

2
2
2

سلطان ابراهيم الخلف

تعرّضت الممالك الإسلامية في القرن الثالث عشر الميلادي إلى اجتياح وحشي من قِبل جحافل التتار الهمج، بقيادة جنكيز خان، سقطت على إثرها مملكة خوارزم، وخراسان وصارت المدن الإسلامية الشهيرة بمعالمها العلمية والدينية والعمرانية مثل بُخارى وسمرقند، تحت سيطرة التتار، وقد عاثوا فيها تدميراً وقتلاً وإرهاباً، حتى فرّ الكثير من سكان تلك الممالك الإسلامية خارجها خوفاً من القتل.

اضطر الخليفة العباسي المستعصم بالله، أن يعقد صلحاً مع التتار حتى يأمن من شرورهم، ويحفظ دماء رعيته ويجنّب عاصمة الخلافة بغداد الدمار، وقد أخذ بمشورة وزيره ابن العلقمي، الذي ألحّ عليه بالصلح، حتى أن الخليفة المستعصم بالله، خرج مع حاشيته لاستقبال قائد التتار هولاكو، الذي لم يتردد بقتل الخليفة وأفراد حاشيته، واستباح بغداد 40 يوماً، سفك خلالها دماء غالبية ساكنيها من نساء ورجال وأطفال حتى بلغ القتلى قرابة المليون بمن فيهم العلماء والأدباء والفقهاء، ودمّر معالمها العمرانية المدنية والدينية، وأشعل فيها النيران، كما دمّر مكتبة بيت الحكمة الشهيرة وغيرها من المكتبات وألقى بكتبها ومخطوطاتها الثمينة في نهر دجلة، حتى صار الناس يتخفون في الآبار هرباً من هول ما شاهدوه من بطش التتار.

كان من الأجدر للخليفة العباسي أن يستعد لحرب «هولاكو»، الذي يسير على خُطى جده جنكيزخان، السفاح المتغطرس، الذي لا يُؤمن بالصلح، ولا احترام المواثيق، وغالب همّه الانتصار في المعركة، ثم مكافأة جنده الهمج بإطلاق أياديهم للعربدة في بلاد خصمه.

كان عام 1258م كئيباً على عاصمة الخلافة الإسلامية بغداد، وكانت حكايات الجرائم التي ارتكبتها عصابات التتار الهمجية فيها تصل إلى مصر، وقد أثارت الهلع بين المصريين بعد تهديد التتار بالزحف نحو مصر. كان موقف ملك مصر سيف الدين قطز المملوكي، على النقيض من موقف الخليفة العباسي المستعصم بالله، فقد عقد العزم على جهاد التتار ووقف تمددهم وإنقاذ مصر والشام من شرورهم، وقام بقتل رسل التتار، حتى يعلن الحرب عليهم دون رجعة، ولأن التتار ليس لهم عهد ولا ذمة، وقد وقف إلى جانبه سلطان العلماء، الشيخ العز بن عبدالسلام، يحرّضه على الجهاد ويحث الناس على الاستعداد لمواجهة التتار وبذل المال في دعم مجهود الحرب، وتهيئة الجيش، وتوفير الاستعدادات كافة لمواجهتهم.

وكانت معركة عين جالوت شمال فلسطين ملحمة تاريخية عظيمة في عام 1260م، هزمت الجيوش المصرية الإسلامية بقيادة الملك سيف الدين قطز المملوكي، جحافل التتار وكسرت شوكتهم بقتل قائدهم «كتبغا»، وأزالت هالتهم الإرهابية التي كانت تثير الرعب في قلوب الناس، كما حطمت أسطورة جيشهم الذي لا يعرف الهزيمة، وبعثت في المسلمين الثقة بالله، وفي أنفسهم، وفي إمكاناتهم العظيمة التي أنعم الله بها عليهم.

قصة «وإسلاماه» التي كتبها الأديب علي باكثير، تحكي تلك الملحمة البطولية العظيمة، التي وضعت حداً لعربدة التتار الوثنيين الهمج في بلاد المسلمين، وقد أختيرت من بين القصص، كمقرر دراسي في مناهج التعليم الثانوي في السبعينات في الكويت.

يكفي أن تشاهد جرائم الصهاينة في غزة المحاصرة اليوم، من قتل متواصل بالقنابل الثقيلة، وتدمير العمران والمستشفيات والمدارس واستخدام أسلوب التجويع في منع دخول الطعام والماء والدواء وقطع الكهرباء، حتى تدرك أن الصهاينة همج لا يختلفون عن التتار الهمج، كما أن من يقف إلى جانب الصهاينة في حرب الإبادة على غزة من حلفاء أميركان وأوروبيين هم همجٌ أمثالهم!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد