يوجد في العرب من يوصفون بأصدقاء إسرائيل، وهؤلاء يعملون لمصلحتها، سرا أو علنا، إما لدوافع مادية أو عاطفية، أو كرها في أعدائهم، وليس من الصعب معرفة هؤلاء من خلال صريح مواقفهم وتصريحاتهم ومقالاتهم ولقاءاتهم التلفزيونية، ولا يشمل ذلك من يعادون حماس، لسبب أو لآخر.
* * *
يعتبر الراباي اليهودي «يوسف مزراحي» Yosef Mizrachi أحد أشهر رجال الدين اليهود في نيويورك، وأكثرهم تطرفا وجرأةً، ولا يخفي، في خطبه ومواعظه، عدم اكتراثه بأي كان، واحتقاره لكل الشعوب، ومطالبته العلنية بالقضاء على الفلسطينيين، وعلى من يختر منهم البقاء في إسرائيل أن يكون عبدا، كما يريد لهم بعض صهاينتنا! ويرفض الراباي حتى توفير العلاج لهم، ويقول ان يوما ما ستقوم جماعته بـ«ذبحهم». كما يرفض تناول طعامهم، ولو حبة سمبوسة، ولو الأمر بيده لقصف المسجد الأقصى!
كما سبق أن ذكر أن الفضل الأكبر لكل ما تلقاه إسرائيل من دعم أمريكي يعود أساسا لخرافة لدى التيار الإنجيلي البروتستانتي المعروف بـ«الصهيونية المسيحية»، بعودة المسيح إلى فلسطين، اعتمادا على نصوص في كتب دينية، وأن عودته الثانية مشروطة بعودة اليهود إلى أرض فلسطين، وإقامة دولة يهودية فيها، وإعادة بناء هيكل سليمان في القدس، وهذا لا يمكن أن يتحقق قبل قيام دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات، وامتلاك اليهود للقدس، وإعادة بناء هيكل سليمان، ومتى ما تحققت هذه الشروط، ستقع حينها معركة «هرمجدون»، ويظهر المسيح ليحكم العالم ألف سنة، وبالتالي يعتبرون دعم إسرائيل وتوسعها واجبًا دينيًا وسياسيًا!
ويضيف الراباي يوسف أنه وكل زعماء إسرائيل يعلمون بهدف الإنجيليين الخبيث، ويعلم الإنجيليون أن اليهود يعلمون ذلك، ولكن كل طرف يعمل لحسابه انطلاقا من إيمانه بصحة اعتقاده، وعدم صحة اعتقاد الطرف الآخر!
في خطبة شهيرة له ذكر الراباي أن «أذربيجان» هي أكبر حليف لإسرائيل بين الدول الإسلامية، وتعتمد كليا على دعمها اللوجستي الكامل، فهي تكاد تكون مدينة إسرائيلية، واستدرك قائلا أن الأذربيجانيين لا يحبون اليهود، بل يعتمدون عليهم كليا في حمايتهم، وأضاف أن إسرائيل لن تقوم بذلك، ابدا. فقد سبق لها أن زودت أكراد العراق بمختلف أنواع الدعم، لكنها تركتهم لمصيرهم عندما قويت شوكة الحكومة العراقية، بدعم أمريكي وإيراني. كم سبق أن كانت إسرائيل على وفاق مع صدام، وفق زعمه، لكنها تركته لمصيره. كما أسست إسرائيل جيش لبنان الحر، في الجنوب، بقيادة أنطوان لحد، ووفرت له كل أنواع الدعم، ليقف ضد حزب الله، لكن عندما انهارت قواه أمام الحزب، تركته لمصيره.
كلام الراباي مزراحي إنذار لكل مؤيد لإسرائيل، من غير اليهود، ومناصر لها، بمقابل أو مجانا، بأنها لن تتحرك لانتشالهم من أية ورطة أو مأزق يقعون فيه، وستتركهم لحالهم، وستكتفي بما دفعته لهم، لكنها في النهاية ستتخلى عنهم وترميهم في مزبلة النسيان، كم سبق أن رمت غيرهم!
أحمد الصراف