: آخر تحديث

هل فقد عقله؟!

5
4
3

خالد بن حمد المالك

بدلاً من إدانة إسرائيل على جريمتها بتحويل قطاع غزة إلى مكان غير صالح للبشر، يأتي اقتراح الرئيس الأمريكي ترامب بمعالجة ذلك بتهجير السكان الفلسطينيين إلى أراض غير أراضيهم، وبدلاً من أن تتحمل إسرائيل ما هدمته في عدوانها وما دعمت به أمريكا إسرائيل لتحويل القطاع إلى أثر بعد عين، يقول الرئيس بأن أمريكا لن تساهم في إعمار غزة، أما إسرائيل فتحصيل حاصل أنها لن تشارك بما فعلته في جعل غزة أرضاً محروقة.

* *

هذا هو ترامب، يظهر أكثر تشدداً حتى من إسرائيل في إجهاض القضية الفلسطينية، وعدم إقامة دولة لهم، وتهجيرهم من أرضهم وديارهم، ما جعل بعض الأمريكيين المؤثرين في المجالس الدستورية يصفون ما قاله بأنه غير عملي، وأنه بتصريحه كما يقول السيناتور الأمريكي الديمقراطي كريس ميرفي كما لو أن الرئيس ترامب فقد عقله.

* *

لقد تم الإعلان على أن ما صرَّح به الرئيس ترامب تم التفاهم واطلاع نتنياهو عليه، بمعنى أن هذا التوجه ربما يكون بإملاء من رئيس الكيان الإسرائيلي، الذي ظل في حالة ابتسام، مظهراً سعادته مع كل كلمة يتفوه بها الرئيس ترامب، ومعقباً عليه بأن تهجير الفلسطينيين من غزة هو السبيل الأمثل لإقرار السلام في الشرق الأوسط.

* *

الرئيس الأمريكي لم يكتفِ بما قاله عن تهجير أهالي غزة إلى مصر والأردن ودول أخرى لم يحددها، وإنما تحدث أولاً على أن جزءاً من الضفة الغربية يجب أن تضم إلى إسرائيل، وبعدها بيومين أو أكثر قال إنه سيعلن عن موقفه خلال الأسابيع الأربعة القادمة بما يجب أن تكون عليه الضفة الغربية كلها، وكأنه يحضّر لضمها كاملة إلى إسرائيل.

* *

هذه التصرفات لا يقدم عليها زعيم لدولة هامشية، فكيف بزعيم أكبر وأقوى دولة في العالم يقدم على ذلك، بينما المفترض فيه أن يوقف الحروب، ويسعى إلى تحقيق السلام العادل، فيما هو بهذه التصريحات إنما يريد أن يخلق الفوضى بالمنطقة، ويمهد لاحتلال إسرائيل لكل الأراضي الفلسطينية، متجاهلاً مبدأ خيار الدولتين الذي تقره قرارات الشرعية الدولية.

* *

نكتب باستغراب واندهاش، غير مصدقين أن هذا الكلام غير المسؤول يصدر عن أمريكا ورئيسها، مع يقيننا بأن ما قاله ترامب لا قيمة له، ولن يغير من الأمر شيئاً، فالفلسطينيون باقون في غزة، لن يستسلموا للدعوة لتهجيرهم، ولن يقبلوا بكل الإغراءات لتشجيعهم على القبول بالتنازل عن حقوقهم، ولن يتم بيع غزة لترامب، فهذا مبدأ والتزام وعقيدة يقف في حمايتها رجال ونساء فلسطينيون لا تُباع ولا تُشترى ضمائرهم.

* *

والمضحك أن البيت الأبيض يصدر تفسيرات تناقض كلام ترامب، ومبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط يتحدث وكأنه لم يسمع بما قاله الرئيس، ومستشار الأمن القومي في أمريكا له تفسير آخر، وهكذا، فنحن أمام فوضى كلامية، وعدم وضوح الرؤية لما يمكن أن تفعله أمريكا لدعم إسرائيل في تهجير الفلسطينيين وضم أراضيهم للاحتلال.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد