: آخر تحديث

التركية ذات الرداء الأسود... من هي؟

12
11
17

حمد الحمد

عدت للتو من سفرة صيفية لمدة 17 يوماً، تنقلت خلالها بين أربع مدن، هي... لندن، غلاسكو، أدنبره واسطنبول.

في التنقل، تعيش في فنادق، والراحة والخدمة في المقام الأول عند السكن. وفي المدينة الأخيرة اسطنبول جاءت فكرة هذا المقال... كان الفندق، أربع نجوم، وليس من الفنادق المعروفة في منطقة سلطان أحمد.

في اليوم الأول، لاحظت أن الإفطار لا يُعلى عليه، حيث تجد كل ما تشتهيه الأنفس. «واستغربت حتى وجود المحاشي... وتساءلت، من يأكل محاشي على الريق؟».

وبينما «كنت أتناول ما أحتاجه... شاي وعصير وبيضة وزيتون وجبنة، لاحظت القوم حولي وهم يتسابقون على البوفيه لتناول كل نوع، وأثار استغرابي أنني لم ألمح أي خليجي في الفندق».

وكان معظم السياح من العائلات الأوروبية والهنود، وبدا لي أن السياحة مُنتعشة جداً في تركيا حتى في الصيف.

في اليوم الأول، وأنا أشرب كوباً من الشاي، شاهدت سيدة نحيلة القامة وبوجه بلا مساحيق، تمشي الهوينا بين الطاولات، وبيدها أحياناً كوب.

قلت في نفسي، لابد انها أحد ضيوف الفندق، ولديها هوس بالرياضة ولا تتركها حتى عند الطعام.

كانت السيدة ذات الرداء الأسود، تدور كنحلة طوال الوقت ولا تُكلم أحداً ثم تعود لزاوية في المطعم. لكن في اليوم الثالث تأكدت أن تحركها مُبرمج ولها هدف، لكن من هي؟ في اليوم الرابع، لمحتها تذهب إلى زاوية، وتسجل معلومات في سجل... هنا ناديتها وسألتها عن عملها.

قالت إنها مديرة خدمات الضيوف في الفندق وهي تركية، وأبديت لها الشكر على الخدمات الذي يقدمها الفندق للضيوف... فرحت بما قلت، ودوّنت كلامي في سجلها.

ما أعنيه... أن هذه مديرة وكان بإمكانها الجلوس طوال اليوم في مكتبها من دون أن تقف على رجليها بين الضيوف يومياً لمدة أربع ساعات، وتتحدث مع الحضور وتسمع لهم.

لهذا من أول يوم شعرت أن هذا الفندق يتميز بمستوى راقٍ في كل شيء، ولم يمر عليّ طوال عمري هكذا خدمات وانضباط وحسن استقبال، وهذا حتماً يعود لحسن الإدارة.

الإدارة فن وعلم وليس «خبط عشواء»، كما يحدث في العديد من المؤسسات و كذلك في الكيانات الحكومية.

وفي ذاكرتي قول بليغ، وهو«إذا أردت أن توظف مديراً أو موظفاً في مؤسستك، احرص على أن يكون أذكى منك... وكذلك إذا أردت أن تهدم مؤسسة أو كياناً ناجحاً، ما عليك إلا أن تُعيّن إنساناً من دون خبرة وبلا فهم!».

وفي سياق علم الإدارة الناجحة، أذكر انني عندما عملت في شركة بترول في السبعينيات ونظامها كان إنكليزياً بحتاً، وهو أن أي مدير لا يبقى في منصبه أكثر من سنة ويُنقل بعدها إلى إدارة أخرى، وهذا ما يسمى بالتدوير، أولاً لمعرفة مستواه في إدارته، وليُمتحن بمنصب آخر... بقاء المدير أو حتى الموظف في مكانه ويعشش لسنوات، هو ما يُشجع على الفساد والجمود.

الأخطر، هو الأسلوب الشائع وهو «حط عباس على دباس»، والتعيين بمناصب عليا من دون أن يكون هناك أي ضوابط، وأن يناسب المُرشح للمكان... هذا يعني دماراً وهدماً بطيئاً لأي مؤسسة أو كيان.

لهذا كم «عباس» عندنا؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد