في يومنا الوطني المجيد يتجسّد الحب داخل القلوب ويتجدّد الولاء ويشمخ الوفاء لوطن المجد الذي أرسى دعائم وحدته قبل خمسة وتسعين عاماً، الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، طيّب الله ثراه، وسار على نهجه القويم من بعده أبناؤه البررة الملوك الكرام: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله رحمهم الله، حتى عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهما الله ورعاهما وأيّدهما بنصره. لقد تعاقب الملوك الكرام على دفّة قيادة بيت الحكم السعودي العريق الممتد منذ عام 1727م، منطلقين من نهج أصيل للحفاظ على وحدته وطموح عظيم لمزيد من رفعته ونهوضه.
وطنٌ يهنأ بمجده المحبون فيه بيت الله وكعبته المشرفة ومسجد نبيه عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وطنٌ لا مساومة فيه؛ ترخص من أجله كل النفوس، وتكبر من أجل رخائه وأمنه واستقراره كل الطموحات. وإذا ما اعترضت طريقه التحديات وتعددت المُلمّات، وقف شامخاً متسلحاً بأبنائه ليعبرها إلى برّ الأمان. فاسألوا الستينيات عن طوفان القومية العربية بمفهومها التوسعي، والسبعينيات عن بلطجة الفصائل وعبثها وهي تظنّ أن حل قضية فلسطين العادلة يكون باختطاف الطائرات وتفجير السفارات. واسألوا الثمانينيات عن الخميني ومشروعه لتصدير الثورة واستهداف مواسم الحج بالهتافات الغوغائية والأعمال الإرهابية. واسألوا التسعينيات عن صدام مرتكب حماقة القرن الكبرى بغزو الكويت ومحاولة غزو المملكة، واسألوا الألفية الجديدة عن أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) وما تلاها من جنون اليمين المتطرف. اسألوهم جميعًا وستكون إجابتهم واحدة في الحروف، وواحدة في خيبة الآمال، وواحدة في سوء المُنقلب.
لقد خابوا وخسروا، وبقيت المملكة العربية السعودية عصيّة على جميع الأشرار. واستمرت شجرة عظيمة وارفة الظلال، يستظل تحتها كل الشرفاء والخيرين في العالم، ومصدر رزق كريم لكل قاصديها من رعايا أرجاء المعمورة، محفوظة كرامتهم، آمنين على أنفسهم وذويهم. ولن أسرد مئات بل آلاف النماذج الذين آثروا العيش في المملكة على أوطانهم، فلن تكفيها عشرات الحروف والمقالات.
واليوم – وما أجمل اليوم – لنا في كل عام، بل في كل يوم، منجز جديد في كافة المجالات وعلى شتى الأصعدة، ما يجعل الاحتفاء بيومنا الوطني في كل عام يعني تأكيد العهد والوعد بأن السعودي معتزّ بأصالته ورؤيته وفزعته وجوده وكرمه وطموحه الذي لا يطاوله سوى عنان السماء، بالرغم من كل الظروف الملتهبة إقليميًا ودوليًا. حفظ الله وطننا الغالي، مليكاً وشعباً، ودامت السعودية أرض السلام والمحبة والوفاء.