: آخر تحديث

مصافحة عون وطريف تكشف الكثير في زمن ترامب

1
1
2

مصافحة بين رئيس الجمهورية اللبنانية، جوزاف عون، والرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، فتحت سجالاً كبيراً بعد البيان الإعلامي الذي أصدرته الرئاسة اللبنانية عقب التداول بصورة المصافحة.

البيان الرئاسي الذي أشار بشكل مباشر إلى أن عون لا يعرف الشيخ طريف، ولم يلتقِ به سابقاً، جاء "ليُعميها عوضاً عن تكحيلها" كما يقول المثل اللبناني الشائع، فمن أجل تلبية رغبة أطراف سياسية كما قيل عبر إصدار البيان، وضع مستشارو القصر الرئيس في موقف سيئ، خصوصاً لناحية التذرع بعدم معرفته بالشيخ طريف الذي باتت وسائل الإعلام اللبنانية تسلط الأضواء عليه، ويسيل حبر الأقلام عنه أكثر من أي شيخ آخر، وأظهروا قائد الجيش السابق وكأنه غير ملمٍّ بصور الشخصيات التي تشغل مسؤوليات كبيرة، علماً بأنَّ الإعلام تحدث كثيراً عن أنَّ الرئيس الروحي لدروز إسرائيل هو الشخصية الدرزية الوحيدة التي دُعيت إلى الفاتيكان، وكما هو معروف فإنَّ الرداء أو الزي الديني الدرزي لا يشبه سواه.

إقرأ أيضاً: الدروز "موفقون" بالشيخ موفق

هذا البيان إذا ما أضفناه إلى الصعوبات التي يواجهها الرئيس الحالي، يؤكد وبدون أدنى شك أنَّ مرحلة الارتياح السياسي التي ظهرت مع انتخابه مطلع العام الحالي لم تعد كما هي، والزخم الذي بدأ به العهد والآمال التي بُنيت عليه أصبح محاطاً بالشكوك والمخاوف من التراجع، كما أن هذا البيان لم ولن يساهم في تبريد خواطر من كُتب لأجلهم.

وفوق هذا كله، كان مفاجئاً حجم التضامن على مواقع التواصل الاجتماعي مع الشيخ طريف في لبنان، وإذا كان تضامن قسم كبير من الدروز اللبنانيين مع الرئيس الروحي أمراً مفروغاً منه نظراً لمكانته الروحية عندهم بحكم موقعه ودوره وانتمائه إلى سلالة توحيدية عريقة، كان لافتاً حجم التضامن المسيحي مع الشيخ طريف، حيث ثمّن الاتحاد الماروني العالمي اللقاء العفوي الذي جرى في الفاتيكان على هامش احتفال تسلم البابا لاوون الرابع عشر مهامه، وأضاف: "توقعنا استغلال الرئيس عون لهذه الصدفة لدعوة الشيخ طريف للقيام بزيارة رسمية للبنان بلده الثاني". وعقّب على البيان الرئاسي بالقول: "لكن ما جرى صعقنا بقوة"، لافتاً إلى أنَّ البيان من صنيع "بعض بقايا الاحتلال السوري والإيراني المتلطّين في وظائف إدارية في الدولة، ومنها المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية، وهم لا يزالون يعيشون وهم 'المقاومة والممانعة والمقاطعة'".

إقرأ أيضاً: اسألوا السلطة الفلسطينية عن دروز إسرائيل

كما اعتبر أن "احترام الشيخ طريف هو من احترام العلاقات الدرزية المارونية التاريخية. وأنَّ الدروز في لبنان وإسرائيل وسوريا قد شكلوا تاريخياً جزءاً من الإمارة اللبنانية التي قامت دعائمها على وحدة الطوائف وتعاونها، وخاصة بين الموارنة والدروز. وأن العلاقات العائلية بين دروز لبنان وإخوتهم في الجولان والجليل أو حتى في الشوف وجبل العرب هي أساسية ومتجذرة لا يفصلها نظام ولا يفرّق بينها حدود"، داعياً "الرئيس عون إلى إرسال دعوة شخصية للشيخ طريف لزيارة لبنان".

يدرك الرئيس عون أن عليه العبور وسط حقل من الألغام الداخلية والخارجية، فحتى اللحظة لا يزال بعض الأفرقاء اللبنانيين يعتبرون أنَّ وصوله إلى قصر بعبدا جاء بفعل نتائج الحرب الإسرائيلية على حزب الله، وبالتالي فإنَّ محاولات الاسترضاء لن تغير شيئاً من الواقع، فتصريحه الأخير بخصوص ضرورة حصر السلاح وقرار الحرب والسلم بيد الدولة، قوبل بردود فعل سلبية، كما أن الدول العربية والغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لن تنتظر طويلاً مسألة حل سلاح حزب الله، وبسط الدولة لسيطرتها الكاملة شمال وجنوب الليطاني، ولذلك المطلوب التحرك بديناميكية أسرع قبل أن يلتحق العهد الحالي بالعهود السابقة، ويخسر لبنان الاهتمام والاحتضان العربي والدولي.

إقرأ أيضاً: أسرار انفجار الصراع بين الهجري والشرع

العالم سيسير في السنوات الأربع القادمة وفق التوقيت الترامبي، والجميع شاهد اللقاءات التي عقدت في الخليج بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والملفات التي تم تناولها، حيث كان للحديث عن الاتفاقيات الإبراهيمية حصة الأسد، والجارة سوريا تسابق الزمن للوصول إلى سلام مع إسرائيل، وهنا يأتي دور الرئيس عون في إنقاذ لبنان وإبعاد شبح وصاية بدأت تحوم في الأفق، والتصرف على أن لبنان دولة حرة، سيدة، مستقلة، قراره بيده لا بيد الآخرين، ولن يكون موضع مساومة أو ورقة يجري التلويح بها تحت شعارات وحدة المسار والمصير، ولِمَ لا تتم دعوة بطريرك القدس ومفتيها، وشيخ عقل الدروز لزيارة لبنان؟ فالشيخ طريف سبق له أن زار عدة بلدان عربية، ويلتقي بمسؤولين فلسطينيين، فهل نحن عروبيون ونحمل هم القضية أكثر منهم؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.