في خضم التحولات العالمية المتسارعة، تتألق المملكة العربية السعودية كمنارة طموح بفضل رؤية 2030، الخارطة الطموحة التي ترسم ملامح مستقبل مزدهر. هذه الرؤية ليست مجرد مشاريع ضخمة أو خطط حكومية، بل شراكة وطنية يقودها المواطن السعودي، القلب النابض لهذا التحول. في إحدى المقابلات التلفزيونية، سُئل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: “أعظم شيء تملكه السعودية للنجاح؟” فأجاب بحسم: “مواطن سعودي… مواطن سعودي؟ لا شك، يعني بدون مواطن سعودي لن نستطيع أن نحقق أي شيء مما حققناه، فإذا لم يكن على قناعة تامة بمانعمل فيه، وليس على مستوى جاهزية تستحمل المصاعب والتحديات، وإذا هو ليس مستعد يكون جزء من هذا العمل، سواء موظف حكومي أو وزير أو رجل أعمال أو موظف في القطاع الخاص أو أي مواطن في أي عمل يعمل فيه، بلا شك كل ما نقوله فقط حبر على ورق”. هذا الرد يجسد ثقة القيادة العميقة بالمواطن، ويؤكد أن رؤية 2030 لن تتحقق إلا بالثقة المتبادلة بين الشعب وقيادته، حيث المواطن هو الركيزة الأساسية لبناء الوطن الذي نحلم به.
تستند رؤية 2030 إلى ثلاثة محاور رئيسية: الاقتصاد المستدام، المجتمع المتماسك، والبيئة المستدامة، وفي كل محور يبرز المواطن كعامل حاسم. في المحور الاقتصادي، يتحول المواطن إلى رائد أعمال يسهم في تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط. نرى شابًا يطلق مشروعًا سياحيًا يبرز التراث المحلي، وسيدة أعمال تؤسس شركة تقنية، وهي أمثلة تعكس روح الابتكار التي تدعمها برامج مثل “منشآت” و”صندوق التنمية الصناعية”. باكتساب مهارات حديثة كالبرمجة والذكاء الاصطناعي، وتفضيل المنتجات المحلية، يعزز المواطن دوره في بناء اقتصاد قوي ومرن.
وفي إطار المجتمع المتماسك، يصبح المواطن حارسًا للهوية الوطنية وقيم التعايش. يتجلى التزامه في مشاركته بحماس في احتفالات يوم التأسيس واليوم الوطني، أو تطوعه عبر منصة العمل التطوعي، مما يعزز الوحدة الوطنية. مواطن ينظم حملة تعليمية لأطفال المناطق النائية، أو شاب يروج للتسامح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يسهمان في نسج مجتمع متماسك، يدعم تمكين المرأة، ويشجع التعليم المستمر، ويتبنى أنماط حياة صحية.
أما في المحور البيئي، فيتحول المواطن إلى بطل استدامة يحمي ثروات الوطن الطبيعية. من خلال تقليل استهلاك الماء والكهرباء، إعادة التدوير، أو الانضمام إلى “مبادرة السعودية الخضراء” بزراعة الأشجار، يسهم المواطن بأفعال بسيطة ذات أثر كبير. كما يشارك في تنظيف الشواطئ أو نشر الوعي البيئي عبر الإنترنت، مما يخلق ثقافة مجتمعية تهتم بالحفاظ على البيئة للأجيال القادمة، ويدعم أهداف المملكة مثل تقليل الانبعاثات وتعزيز الطاقة المتجددة.
إن تحقيق المواطنة الحقيقية أصبح أسهل من أي وقت مضى، حيث بات دور المواطن في تنمية بلده واضحًا ضمن رؤية 2030. هذه الرؤية ليست شعارات، بل دعوة للعمل، تمكّن المواطنين من تحقيق الأهداف قبل أوانها. وفي سياق آخر، عندما سُئل سمو ولي العهد في لقاء تلفزيوني: “ماذا بعد 2030؟” أجاب: “2040… تخطيط مستمر؟ بلا شك، 2030 يعني هي طبعًا إننا أصبحنا في موقع متقدم جدًا في العالم، لكن 2040 سوف تكون مرحلة المنافسة عالميًا”. هذا الرد يعكس ثقة سموه في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، ويؤكد أن الشراكة بين القيادة والمواطن لن تنتهي، بل ستستمر لتحقيق طموحات أعظم، لتكون المملكة في صدارة المنافسة العالمية.
ولا يكتمل هذا الدور دون الالتفاف حول القيادة الرشيدة التي وضعت رؤية 2030 لتحقيق طموحات الشعب. المواطن الوطني يثق بقيادته، ويشارك في تحقيق مستهدفات الرؤية، متجنبًا الشائعات والتشاؤم. يحتفل بالإنجازات الوطنية، معززًا روح التضامن، ليصبح شريكًا حقيقيًا في مسيرة التنمية. هذا الالتفاف يجعل تحقيق الرؤية أسرع، ويعكس قوة الشراكة بين الشعب والقيادة.
في الختام، المواطن السعودي هو العمود الفقري لرؤية 2030. بمشاركته الفعالة في الاقتصاد، المجتمع، والبيئة، يصنع مستقبلًا يليق بطموحات الوطن. المواطنة الصالحة والروح الوطنية هما الوقود الذي يحرك عجلة التقدم. فلنكن جميعًا جزءًا من هذه المسيرة، نزرع اليوم بذور الازدهار لنحصد غدًا وطنًا قويًا، مستدامًا، ومزدهرًا، يستحق فخر أبنائه وتضحياتهم.