: آخر تحديث

صورة أوروبا عند ترامب

4
3
3

عماد الدين حسين

ما هي صورة ومكانة أوروبا لدى الولايات المتحدة، وخصوصاً الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس دونالد ترامب؟.

صورة يوم الاثنين الماضي ربما ستدخل تاريخ كتب ومناهج الصحافة الدولية، باعتبارها خير تعبير عن واقع سياسي محدد الانتشار.

طريقة جلوس ترامب مع ضيوفه كانت تشبه طريقة جلوس ناظر أو معلم مدرسة قرر أن يصف بعض التلاميذ أمامه كي يوجه لهم رسالة لوم أو تقريع، أو هي صورة رئيس مجلس إدارة متغطرس قرر أن يؤنب العاملين لديه لأنهم لا يسمعون الكلام أو لا ينفذون الأوامر بصورة صحيحة، أو صورة واعظ وخطيب قرر أن يجمع بعض صغار المريدين ليلقي عليهم المواعظ والدروس.

من صمم طريقة الجلوس هذه أراد أن يجعل هناك فارقاً في الدرجة والقيمة والأهمية بين صاحب البيت والضيوف، خلافاً لما هو مستقر مثلاً في قواعد البروتوكول بين الدول المختلفة حينما يجلس المسؤولان أو الوفدان حول طاولة مستديرة لا يبدو فيها رئيس ومرؤوس، أو حول طاولة مربعة أو مستديرة، بحيث يجلس كل طرف أو وفد أمام الآخر بطريقة متساوية.

ترامب بالغ في إظهار الود والمجاملة والحميمية مع بوتين، وابتسم له كثيراً، وربت على كتفيه وأصر أن يركب معه سيارته، وخلال جلسة المحادثات الرسمية كانت طريقة الجلوس للوفدين تعكس الندية والمساواة، وليس التعالي والغطرسة.

صورة يوم الاثنين التي أثارت نقاشات وجدالات وتعليقات كبيرة في وسائل الإعلام العالمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، كانت معبرة عن الواقع إلى حد كبير.. رئيس أمريكي متغطرس، وقارة أوروبية مأزومة بشدة غير مسبوقة منذ عشرات السنين.

كان البعض يعتقد أن ترامب فعل ذلك فقط مع زيلينيسكي حينما حشره في زاوية ضيقة بالبيت الأبيض في نهاية يناير الماضي وعنفه ووبخه وطرده فعلياً وليس مجازياً، بل وأكل الوجبة التي كانت مخصصة له! ثم كرر ذلك بصورة أسوأ مع بعض الرؤساء الأفارقة الذين أجلسهم أمامه وكأنهم أطفال في الحضانة.

كل ما سبق يفترض أنه يتعلق بالشكل، لكن الأمر نفسه كان في المضمون، فترامب يتبنى تقريباً مواقف بوتين في الأزمة الأوكرانية إلى حد كبير.. حصل على صفقة المعادن النادرة من أوكرانيا نظير ثمن الأسلحة التي قدمها سلفه جو بايدن، ثم أجبر الأوروبيين على دفع أثمان كل صفقات السلاح اللاحقة لأوكرانيا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد