تكتب أو لا تكتب، ترسم أو لا ترسم، تنتظر لحظة إلهام، لحظة تشرق عليك لا تعرف من أين ولماذا، لكنها تأتي، جرّبتها من قبل مرات عديدة، وأنتجت قصصا رائعة، تصحو والكلمات على فمك، ربما حلمتها، أو وضعها أحد على شفتيك، لا تعرف، لكنك أسير تلك اللحظات.
كنت أجلس مع فنان تشكيلي يشكو لي من عدم قدرته على الرسم، ينتظر تلك اللحظة، ينتظر أن تصيبه لوثة الفن، وأيده صديقه الفنان بشدة، واعترضت بشدة، هكذا خسرت صديقا محتملا، لكن، بالنسبة لي كان إنقاذ صديقي من الاستسلام لما أعتبره خرافة قد تقضي على الفنان أهم من التغاضي الذي أمارسه في الغالب.
بدأت الكتابة في أواخر الثمانينات، نشرت كتابين منذ ذلك الوقت وحتى 2007. في البداية لم أكن أؤمن بالنشر، لكن اقتنعت بعكس ذلك حين أدركت أنني كاتبة ولدي ما أقول، وليس هناك مفر، لكنني حتى العام 2009، كنت أكتب حين يتاح لي الوقت والمزاج، بعد أن اشتركت في برنامج الكتابة العالمي في آيوا سيتي ذلك العام، وقابلت 36 كاتبا من مختلف أنحاء العالم، بدأت بالإيمان أن الكتابة هي عالمي ودنياي، وأنني كاتبة شئت أم أبيت، وأن علي أن أكون على قدر المسؤولية، مسؤوليتي تجاه نفسي، تجاه هذه الموهبة التي خلقني الله بها، والتي لا يجب أن تهدر بحجة انتظار الإلهام أو المزاج.
بعد أن عدت من ذلك المعتزل الكتابي، كتبت كتاب مختلف والذي كنت قد بدأته قبل ثلاثة أعوام، كان ينقصني الصبر والنفس الطويل والجلد على الكتابة اليومية، كان ينقصني التخلي عن وهم المزاج والإلهام وانتظار الوقت المناسب. كان أول كتاب سردي طويل أكتبه، بعدها كتبت رواية امرأتان، التي كنت أحمل فكرتها منذ 15 عام. هذا ما تغير في، وما كنت أحاول إيصاله للفنان صديقي. كان شيئا خضت تجربته، وليس تنظيرا، وحتى اليوم، كلما تركت نفسي للكسل أو المزاج، تأخرت وأجلت، وهذا ما يحدث لي منذ عامين، عذري أنني أشارك هذا العام في لودج مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.
لا تنتظروا الإلهام، استدعوه، بالكتابة، أو أي فن تخوضون مجاله، حتى في الرسم، أفعل ذلك، أخلصوا لفنكم، لا تفكروا في الوصول، لا تفكروا في الشهرة واللمعان، لا تفكروا في الآخر، ممارسة الفن متعة في حد ذاتها، كل الأشياء ستأتي مع الإخلاص، وإذا لم تأت، ربحتم أنفسكم وعرفتم مقدرتكم على إنتاج فن تعرفون قيمته أنتم. يبدو كلاما مثاليا، ربما، لكن، هل لديكم حل آخر.