: آخر تحديث

بنك البنوك المركزية

2
2
2

يتشكل النظام المالي العالمي من شبكة من المؤسسات المالية، التي تتحكّم بشكل مباشر بالاقتصاد العالمي، تساندها بنوك مركزية وطنية كبرى، تشكّل مجتمعة النظام المالي العالمي. فإلى جانب بنك التسويات الدولية BIS، الذي يُعرف بـ«بنك البنوك المركزية»، ويركز على وضع معايير الاستقرار المالي، والبنك الدولي، الذي يركز على تمويل التنمية والحد من الفقر، هناك جهات أخرى لا تقل أهمية، وأبرزها صندوق النقد الدولي، اللاعب الثالث الأهم، فهو بنك يقوم بمراقبة الاقتصاد العالمي لأعضائه الـ190 دولة، ويقدم مساعدات مالية لتلك التي تواجه أزمات في موازين مدفوعاتها، مشروطة بتنفيذ سياسات إصلاح اقتصادي صارمة، فهو بمنزلة «شرطي المرور» المالي العالمي، الذي يهدف لمنع الأزمات، وضمان استقرار النظام النقدي الدولي.

كما أن هناك بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، الأكثر تأثيراً في العالم، فأي تغيير في أسعار الفائدة الأمريكية يؤثر بشكل مباشر في تكاليف الاقتراض، وتدفقات رؤوس الأموال، وأسعار الصرف في جميع أنحاء العالم، يليه في الأهمية البنك المركزي الأوروبي، وبعده بنك الشعب الصيني، وبنك اليابان، وبنك إنكلترا، الذي كان يوماً أكبرها وأهمها.

يعتبر بنك التسويات الدولية BIS أقدم مؤسسة مالية دولية في العالم، يتمتع بتاريخ غني ومعقد، ومقره في سويسرا، وتأسس عام 1930 ليرتبط بتداعيات الحرب العالمية الأولى، ودوره المثير للجدل المتمثل في تنظيم تعويضات الحرب الألمانية للدول المتضررة، المفروضة عليها بموجب معاهدة فرساي، بعد أن تبيّن أن خطط التعويضات غير قابلة للتنفيذ، من دون وجود جهة تنفذ إعادة هيكلة مدفوعات ألمانيا، لذا تأسس بنك التسويات بهدف محدد للغاية، وهو تحصيل وإدارة وتوزيع مدفوعات تعويضات الحرب الألمانية.

نتيجة لنجاحه الأولي، تم تكليف البنك مهام أوسع وأكثر استشرافاً للمستقبل، والعمل وصياً على القروض الدولية، والأهم من ذلك، تعزيز التعاون بين البنوك المركزية العالمية، وقد أصبح هذا الهدف الثانوي في نهاية المطاف غرضه الدائم، وساعده في ذلك التزامه الحياد وموقعه الفريد، ونجاحه في الاستمرار في العمل، على الرغم من الصراع بين القوى العالمية، وما لحق به من فضائح، تعلقت بتسهيل غسل الذهب، الذي نهبه النازيون من البنوك المركزية للدول المحتلة، وأشهرها تشيكوسلوفاكيا.

تحولت مهمة البنك تالياً إلى تعزيز تعاون البنوك المركزية، وأصبح في عصر نظام «برايتون وودز» أداةً للتعاون النقدي الأوروبي، وتبلور دوره مع انهيار هذا النظام، في أوائل سبعينيات القرن الماضي، وما تلاه من صعودٍ للخدمات المصرفية العالمية العابرة للحدود، فتم إنشاء لجنة بازل في 1974، لوضع المعايير الاحترازية للبنوك، من خلال مجموعات شاملة من اللوائح، التي تركز بشكل أساسي على ضمان امتلاك البنوك لرأسمال كافٍ لامتصاص الخسائر غير المتوقعة، مما يعزز استقرار النظام المالي بأكمله، ويُطلق على بنك التسويات الدولية اليوم اسم «البنك المركزي للبنوك المركزية»، ويُختصر تاريخه وخلفيته من خلال أنشطته الرئيسية، كونه منتدى التعاون لمحافظي البنوك المركزية، والجهات التنظيمية المالية من جميع أنحاء العالم، كما يُعد مركزاً رائداً للبحوث في مجال التمويل العالمي، والخدمات المصرفية، والسياسة النقدية، ومن خلال ما يقدمه من الخدمات المالية للبنوك المركزية، مثل إدارة أجزاء من احتياطياتها من النقد الأجنبي، وغير ذلك من مهام خطيرة.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد