سلطان ابراهيم الخلف
كان خبراً سارّاً أن تبادر السلطات السويسرية بحلّ ما يعرف باسم «مؤسسة غزة الإنسانية» GHF، التي تديرها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، ومقرّها في جنيف، ولم يسمح لها بفتح حساب مصرفي في سويسرا، بعد أن تأكد للسلطات أن هذه المؤسسة عبارة عن مصيدة لقتل الفلسطينيين، حيث نصبت نقاطاً على أنها لتوزيع الطعام، ولخداع العالم، لكنها في الحقيقة نقاط للموت، حيث يتعرّض الفلسطينيون فيها لإطلاق النار عليهم من قبل الجيش الصهيوني، وسقط فيها ما يزيد على 600 فلسطيني قتيل خلال شهرين، الأمر الذي دفع سويسرا إلى حل المؤسسة، من دون تردّد، وصرّحت بأن أفعالها «صادمة».
في الحقيقة... أفعالها أكبر من صادمة، فهي ترتكب جرائم حرب إبادة وترويع، تحت غطاء العمل الإنساني، فيما تمنع مؤسسات الإغاثة الدولية القيام بعملها، مثل «الأونروا»، التي تمتلك إمكانيات ضخمة لتقديم المساعدات الإنسانية، خصوصاً في غزة المحاصرة، والتي قام الكيان الصهيوني بالتعاون مع الولايات المتحدة بإغلاق مكاتبها، في القطاع، بل وتدميرها بالكامل.
تلك فضيحة أخرى، تضاف إلى سجّل جرائم الكيان الصهيوني مع حليفته الولايات المتحدة الأميركية، التي لم تعد راعية للسلام في منطقتنا العربية.
يعتبر فوز الأميركي زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية، كمرشح مسلم لمنصب عمدة مدينة نيويورك، مؤشراً إيجابياً، على تخلخل الموقف الشعبي الأميركي الداعم للكيان الصهيوني، بعد فضائح «جرائم الإبادة» التي ارتكبها في غزة.
فمدينة نيويورك تعتبر من المدن الأميركية التي تقطنها جالية يهودية، تعدّ من أكبر الجاليات اليهودية في العالم، ومن داعمي الكيان الصهيوني.
كانت صدمة لليهود الصهاينة في المدينة، حيث استطاع زهران وهو ديمقراطي، أن يفرض نفسه ويقتحم عش الدبابير الصهيونية فيها. ومن الطبيعي أن يكون وقع الصدمة كبيراً على الرئيس دونالد ترامب، حيث طالب بسحب الجنسية الأميركية من زهران، وتحييده، ثم طرده خارج الولايات المتحدة.
لن تتوقف محاولات الصهاينة في تشويه صورة المرشّح زهران، ووضع العقبات أمامه حتى لا يصل إلى منصب العمدة.
فمن المعروف أن زهران شارك في التظاهرات التي تنادي بوقف «حرب الإبادة» التي يشنها الصهاينة على غزة، وكان من أشد المنتقدين لتورّط الإدارة الأميركية فيها.
يتضح تحدي الصهاينة لزهران، في المناظرة لمرشحي منصب العمدة، حين اختارت غالبية المرشحين، زيارة الكيان الصهيوني في حال الفوز بالمنصب، بينما كان موقف زهران مخالفاً، إذ فضّل البقاء في مدينته نيويورك قريباً من مواطنيه، سواء كانوا يهوداً أو غير يهود، للقيام بخدمتهم.
وكان موقفه صاعقاً للمرشحين... ولإحراجه تمت مواجهته بسؤال حول رأيه في تقبّل وجود إسرائيل كدولة يهودية، وكان جوابه سريعاً مخيباً لهم، قائلاً «يجب أن يتمتع الجميع بحقوق متساوية»!
منافسه حاكم ولاية نيويورك السابق أندرو كومو، لم يعجبه الرد، وحاول إحراج زهران، واتهمه بأنه يعارض وجود الدولة اليهودية!
في الحقيقة، يعتبر أن زهران قد حقق فوزاً على منافسيه في المناظرة، لما يتمتّع به من حرص على خدمة مواطنيه الأميركيين بينما كان المرشحون الآخرون مشغولين بالكيان الصهيوني الأجنبي، وتقديمه على مواطنيهم الأميركيين.
بذلك يكون الشاب زهران (33 عاماً)، قد قلب الطاولة على الصهاينة في المدينة. كما ساهم في تشويه سمعتهم، وسمعة الكيان الصهيوني من «قلعة الدبابير» الصهيونية... نيويورك.