صدر قانون الإفلاس المعدل سنة 2020، وتميّز بإدخال مسارات جديدة عليه تتجاوز مجرد تصفية أموال المدين، حيث ركز على إجراءات التسوية الوقائية وإعادة الهيكلة كخيارات تسبق شهر الإفلاس، مما يعزز من فرص استمرارية المشاريع الاقتصادية المتعثرة. وأبرز أبواب ومواد القانون إنشاء محكمة خاصة بالإفلاس، وإنشاء إدارة الإفلاس، تلحق بالمحكمة، تتولى المهام الإدارية والفنية المتعلقة بقضايا الإفلاس، مثل تلقي الطلبات والإشراف على الإجراءات، وإنشاء لجنة الإفلاس لتولي الإشراف على أعمال الإدارة، واقتراح السياسات العامة وتطوير الإجراءات.
كما أتاح القانون الجديد للمدين، الذي يواجه صعوبات مالية، ولم يصل بعد إلى مرحلة التوقف عن الدفع، التقدم بطلب للتسوية الوقائية، من خلال التوصل إلى اتفاق مع الدائنين، لتسوية الديون من دون الحاجة إلى شهر الإفلاس. وفي حال توقف المدين عن دفع ديونه، أو كان طلب التسوية الوقائية غير مجدٍ، يمكن اللجوء إلى إجراءات إعادة الهيكلة، التي تهدف إلى مساعدة المدين على الاستمرار في نشاطه، من خلال خطة محكمة لإعادة تنظيم شؤونه المالية والإدارية، تحت إشراف قاضي الإفلاس، تتضمن حلولاً عملية عدة. وإذا تعذّر ذلك يعلق إفلاسه، ويمنع من إدارة أمواله أو التصرف فيها. وتعيين أمين للتفليسة، ووقف الدعاوى والإجراءات الفردية ضده.
ويحدد القانون كل أمور المفلس، ويمكن أن تنتهي إجراءات الإفلاس إما باتحاد الدائنين، أو بالصلح، أو بالتصفية الكاملة لأموال المدين. ويجوز للمدين المفلس، الذي أوفى بديونه أو حصل على إبراء منها، أن يتقدم بطلب لرد اعتباره التجاري، مما يزيل عنه الآثار السلبية للإفلاس.
***
لو نظرنا لقانون الإفلاس، مقارنة بالقانون السابق المتعلق بطريقة التعامل مع مديني، أو مفلسي المناخ، لوجدنا مدى الظلم، الذي تعرّض له 668 مواطناً، وورثة وشركاء من توفي منهم، والشركاء في شركات من تبقى منهم على قيد الحياة، من خلال القيمة المتدنية، التي انحدرت لها (500 مليون دينار)، مقابل أربعة أضعاف ذلك من ديون عليهم، وحصل كل ذلك الانخفاض الكبير في قيمة أصولهم، غالباً، بسبب قلة دراية «الموظف الحكومي»، الذي تولى مهمة إدارتها، وما أشيع في السابق عن بيع بعض الأصول بأثمان مريبة، إضافة إلى ما تراكم من فوائد مجحفة، طوال ثلاثة عقود بنسبة خيالية تبلغ %15 على ديونهم، وكأنهم فئة تستحق العقاب الأبدي! فهم، منذ أكثر من ثلاثة عقود ممنوعون من السفر، وإن تطلب الأمر ذلك، فعليهم الحصول على موافقة قاضي التفليسة، مع كل ما يتضمنه الأمر من إحراج مخجل ومتعب للنفس، هذا على افتراض وجود القاضي، مع استحالة تواجده في أيام الأعياد والعطل الرسمية.
كما يمنعهم القانون، بطبيعة الحال، من فتح أية حسابات، ولا الحصول على بطاقات مصرفية، أو صرف آلي، إضافة لفقدهم حقوقاً كثيرة أخرى، لا يمكن أن يتعرض لها حتى قاتل!
نتمنّى على معالي النائب الأول لرئيس الوزراء، بما عرف عنه من رغبة في الإصلاح، وإعادة الحقوق لأصحابها، الاهتمام بهذا الموضوع، وربما مقابلة بعض هؤلاء «المظلومين»، وفهم حقيقة معاناتهم، التي لا يمكن لأي عاقل تبرير استمرارها، فقد آن أوان عودتهم لممارسة حياتهم كبشر عاديين، فلم يتبقَّ لأغلبيتهم الكثير في هذه الحياة.
***
أتقدّم بالشكر لكل من اتصل مهنئاً باختياري الكاتب الأكثر متابعة وتأثيراً في الكويت، وأشكر قبلها كل من ساهم في الإدلاء برأيه في ذلك الاستقصاء.
أحمد الصراف