عبدالعزيز الفضلي
«كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصِل الرحم، وتَحمِل الكّل، وتكسِب المعدوم، وتقري الضيف، وتُعينُ على نوائب الحق».
هكذا قالت أم المؤمنين خديجة، رضي الله عنها، للنبي صلى الله عليه وسلم، عندما دخل عليها فزعا بعد عودته من الغار ونزول الوحي.
لقد طمأنته على أن الله تعالى لن يخزيه، فحياته وسيرته عامرة بصنائع المعروف؛ من صلة رحم إلى سد حوائج الفقراء والمساكين إلى بذل المال لمن لا يجده إلى إكرام الضيف وإعانة الناس على نوائب الزمان.
وهكذا هي صنائع المعروف تكون سنداً للإنسان عند محنته وابتلائه، ومصدراً لسعادته في الدنيا والآخرة.
أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم.
وضرب أمثلة على ذلك (تكشف عنه كُربة، أو تقضي عنه ديْناً، أو تطرِد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخٍ في حاجته أحبّ إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد -المسجد النبوي- شهراً).
إن من بركة إغاثة الملهوف أنها تدفع الشرور، وقد صح في الحديث الشريف (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والهلكات والآفات).
ولعلنا في الكويت شعرنا بمعنى هذا الحديث عندما تعرضت بلادنا إلى الغزو الغاشم عام 1990م، فما هي إلا سبعة أشهر حتى جاء الفرج من الله فانقشعت الغمة وتنفس الناس نسيم الحرية.
ولعل من أهم الأسباب في التحرير أيادي الخير التي امتدّت من أهل الكويت لتصل إلى مشارق الأرض ومغاربها، من كفالة أيتام وإطعام المساكين والفقراء، وإعالة الأرامل، وحفر الآبار وبناء المستشفيات، وإغاثة الملهوف وغيرها من أوجه الخير، حتى استحقت بلادنا بأن يطلق عليها (مركز العمل الإنساني)، وأن يمنح أميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد، لقب (قائد العمل الإنساني).
من الضرورة بمكان أن نستمر ببذل المعروف حتى يديم الله تعالى علينا نعمه، فالنعم إنما تدوم بالشكر.
يقول عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، في حديث يرفعه للنبي: (إن لله تعالى أقواماً اختصهم الله بالنِّعم لمنافع العباد، يقرّهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحوّلها إلى غيرهم).
يقول الشاعر:
لا تمنعن يدَ المعروف عن أحدٍ
ما دُمت مقتدراً فالسّعد تارات
X : @abdulaziz2002