: آخر تحديث

غزة تحت التجويع الصهيوني

3
3
3

سلطان ابراهيم الخلف

منذ شهرين والصهاينة يفرضون حظراً على دخول المواد الغذائية والماء والدواء إلى غزة المحاصرة، التي تحوّلت إلى معتقل يؤوي 2.3 مليون فلسطيني بين الركام، غالبيتهم من الأطفال والنساء، مع دعم كامل من البيت الأبيض الأميركي، والاتحاد الأوروبي لسياسة التجويع، التي يفرضها الائتلاف المتطرّف الصهيوني. بينما تحذّر الأحزاب الرئيسية في أوروبا من الأحزاب اليمينية المتطرّفة مثل حزب البديل الألماني، وحزب الجبهة الوطنية الفرنسي، وتعتبرهما خطراً على مستقبل أوروبا ونظامها الديمقراطي.

قد يبدو الأمر تناقضاً، لكنه يخضع لسياسة أوروبية ثابتة تقوم على دعم الاحتلال الصهيوني وتمكينه من البقاء في فلسطين بأي وسيلة، فبريطانيا وفرنسا كانتا من الداعمين للعصابات الصهيونية التي ارتكبت مجازر وشردّت الفلسطينيين من قراهم ومدنهم، مع بداية نكبة فلسطين في القرن الماضي، التي تجهل شعوب العالم بما فيها الشعوب الغربية أهوالها لأسباب ترجع إلى محدودية وسائل الإعلام في ذلك الوقت، وسياسة التعتيم التي اتبعتها الحكومات الغربية. لكن مع تقدّم وسائل الإعلام الحالية، التي تعتمد على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات الإخبارية صار من المتعذّر على الحكومات الأوروبية التعتيم على نكبة غزة، ولم يعد أمام تلك الحكومات إلّا التضييق على المتظاهرين المطالبين بوقف دعم الصهاينة، وحرب الإبادة، وإلقاء القبض عليهم، من أجل إسكاتهم، ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي للحدّ من فضائح الجرائم الصهيونية، لكن دون جدوى، ناهيك عن اعتبار تلك المحاولات الفاشلة تعدياً مباشراً على الديمقراطية التي يتباكون عليها، ويخشون عليها من الأحزاب اليمينية المتطرّفة، وصاروا هم مَن يهدّد الديمقراطية، وحرية التعبير التي كفلتها دساتيرهم، وبعيداً عن المبالغة، فقد ورّطهم الصهاينة، وانقلب السحر عليهم.

الولايات المتحدة أكثر تطرّفاً من الاتحاد الأوروبي في دعم الكيان الصهيوني. فغالبية أعضاء الكونغرس منتخبون بأموال منظمة «أيباك» الصهيونية، مقابل دعم الكيان الصهيوني عسكرياً ومادياً وإعلامياً وتشريعياً. فبعد فشل محاولات الأميركان في منع صدور مذكرة اعتقال للإرهابي نتنياهو، وهي المرّة الأولى التي تتهم فيها محكمة جرائم الحرب الدولية مسؤولاً صهيونياً رفيعاً بارتكاب جرائم حرب في فلسطين، ما يشكّل فضيحة كبيرة للصهاينة أمام العالم.

يستعد مجلس النواب الأميركي هذه الأيام تمرير قانون يجرّم مقاطعة الكيان الصهيوني، ويفرض عقوبات شديدة مثل السجن عشرين عاماً، والغرامة مليون دولار على من يخرق القانون، وهو ما يدل على أن الكيان الصهيوني يعيش عزلة خانقة، تحاول إدارة ترامب فكها بطريقة عبثية جنونية، مهدّدة مواطنيها الأميركان، الذين لم يجدوا غير المقاطعة كوسيلة فاعلة لوقف تدخل الصهاينة، ووضع حد لجرائمهم الفظيعة، في غزة وفلسطين بعد عقود من التعتيم الرسمي، وهو ما اعتبره رجال القانون الأميركيون والمدافعون عن الحريات اعتداءً مباشراً على الدستور الأميركي من أجل الكيان الصهيوني الأجنبي، وتدخّلاً من «أيباك» في الشأن الأميركي.

لكن الغريب أن هيئة الدفاع عن الديمقراطيات «FDD» الأميركية، باركت التشريع ودعمته بقوة! والأغرب من كل ذلك، أن جامعة الدول العربية لم تقم بأي دور فاعل من أجل رفع المجاعة وحماية السكان العرب في غزة المحاصرة!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد