عبده الأسمري
ما بين مواقع الجغرافيا ووقائع التاريخ ووقع السير.. رسم «خرائط» المعرفة بخطوط متينة من الابتكار ورسخ «وسائط» الثقافة على أسس راسية من الاعتبار.
انطلق «راشداً» يختصر «مسافات» الأماكن ويوظف «استيفاءات» الأزمنة ليؤصل «أحداث» الأطالس في قلب «الاستطلاع» ويوظف «أحاديث» العصور في قالب «الاطلاع» رافعاً راية «الانتصار» في ميدان «الاختصار» برسم «الفكر» ووسم «المعنى» في «منظومة» معرفية تجلت في سماء «التدقيق» وتسامت في أفق «التوثيق».
اتخذ سبيله في «الصبر» عجباً متكئاً على رصيد موهبة «ذاتية» ومستنداً على مديد مهارة «شخصية» ملاحقاً لبعد «نظر» تشكل من حكمة بالغة أضاءت له «قناديل» الاختراع في مسارب «البحث» ومدارات «الاستقراء» ليكتب «هوية» العصور بخرائط «موثقة» أجبرت «اللغات» للإذعان إلى وحي «العربية» الفاخر الذي جعل العالم في «حزمة» جغرافية مبتكرة تنطق بالبراعة.
إنه خبير الأطالس الجغرافية والإسلامية الأستاذ سامي عبدالله المغلوث أحد أبرز رجال التعليم وخبراء الجغرافيا والحائز على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 2025.
بوجه مسكون بالوقار والتدين وتقاسيم «هادئة» مزيجة من الجد والود وملامح حساوية بواقع النشأة ووقع التنشئة وعينان واسعتان تسطعان بلمحات الفطنة ونظرات الحنكة ومحيا «عامر» بالالتزام وغامر بالإلهام وأناقة تعتمر الأزياء الوطنية في المواقع المكتبية والزي الميداني في المهمات الأرضية وشخصية لطيفة الجانب نبيلة الهدف عميقة الرأي أصيلة التعامل معرفية الرؤى.. ولغة جهورية تستند إلى «مخزون» جغرافي وتتعامد على مكنون «تاريخي» تعلوها «مفاهيم البحث» وتؤطرها «مناهج التخصص» وكاريزما تتسطر منها روح «الوطنية» ويعلو وسطها بوح «المهنية» وتواجد فاخر على «طاولات النقاش» وحضور واعد في «اتجاهات التعليم» ووجود فريد في «مجالات التأليف» قضى المغلوث من عمره «عقودًا» وهو يعزز «المدارس» بمنهجيات التدريس ويبهج «المناهج» بانفرادات «النتائج» ويملأ «المكتبات» بثمار المؤلفات.
في مدينة الأحساء درة المنطقة الشرقية الزاهية بتخريج المبتكرين والمبدعين ولد عام 1382هـ في نهار ربيعي تزامن مع اخضرار الحقول وينوع الثمار.. وتفتحت عيناه على «أب مكافح» يعمل بالتجارة و»أم ودودة منشغلة بالتربية»..
بدأ الطفل الصغير خطواته الأولى على ثرى مدينة «المبرز» الموشحة بالبساطة السائدة والجيرة الحسنة وظل ينتظر والده بعد كل رحلة تجارية يقضيها في مدينة «الخفجي» الحدودية مرتقباً قدومه الأبوي المكلل بالبشائر.
تعتقت «أنفاسه» طفلاً بنسيم «الحقول» في نهارات الصيف وتشربت نفسه «عبير» المزارع في مساءات الشتاء وارتهن صغيراً إلى تلك «الألحان السماوية» القادمة من جامع قريته والتي ملأت وجدانه صغيراً برياحين «التدين» المبكر فنشأ منجذباً الى «مواعيد» الفلاح الباكر في صباحات «اليقين».
تلقى تعليمه العام بين مدارس الأحساء والخفجي وانتقل للدراسة في جامعة الملك سعود عاماً واحداً ثم أكمل دراسته في جامعة الملك فيصل بالأحساء وحصل منها على درجة البكالوريوس في التربية في تخصص «التاريخ» بشكل رئيس و»الجغرافيا» كجزء فرعي مع مرتبة الشرف الثانية.
عمل في التعليم لثلاثة عقود منذ تعيينه في وزارة المعارف حتى تقاعده المبكر عام 1437هـ في مجال التعليم والإشراف والتوجيه وعمل في الإدارة العامة للتقنيات التربوية بوكالة الوزارة للتطوير التربوي عام 1420هـ، لمدة عامين. وفي الإدارة العامة للمناهج بوكالة الوزارة للتطوير التربوي عام 1422هـ، لمدة عامين.
وحصل المغلوث على إجازة حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم عام 1412هـ، وعين إمامًا وخطيبًا حوالي عقدين من الزمن في جامع المغلوث بالمبرز في محافظة الأحساء..
قام بإعداد (موسوعة المملكة العربية السعودية الإلكترونية)، و(الفهد رائد التعليم الأول)، التي قامت بتنفيذهما وزارة المعارف آنذاك. وعمل عضوًا في فريق تأليف العلوم الاجتماعية للمشروع الشامل لتطوير المناهج، وعضوًا في فريق تأليف (الأطالس المدرسية الجغرافية) التي نفذته مكتبة العبيكان لوزارة التعليم العالي.
أنجز عددًا من الوثائق العلمية مثل وثيقة (أطلس تاريخ الدعوة الإسلامية) لوزارة الشؤون الإسلامية. ومشروع (تضمين المفاهيم السياحية والأثرية فـي المنتج التعليمي)، وعدد من الوثائق الجيومكانية مثل أطلس منطقة الرياض، والأطلس السعودي للإغاثة والأعمال الإنسانية، وأطلس الحرمين الشريفين، والفكرة التمهيدية لأطلس الملك سلمان بن عبد العزيز (الذاكرة المكانية)، وقام أيضًا بإعداد الفكرة الأولية لوثيقة (أطلس اللغة العربية) لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية. وأعد الفكرة التفصيلية لـمتحف (القرآن الكريم والسُّنّة النبوية) لرابطة العالم الإسلامي، ووثيقة (أطلس رابطة العالم الإسلامي).
قام بتأليف وإنتاج عشرات الأطالس المتخصصة مثل سلسلة الأطالس التاريخية والإسلامية وأطلس تاريخ الأنبياء والرسل، والأطلس التاريخي لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسلسلة أطالس الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وأطلس الفتوحات الإسلامية، وأطلس حروب الرِّدّة، وسلسلة أطالس تاريخ الدول الإسلامية (الأموية - العباسية - المملوكية - العثمانية)، وأطلس تاريخ العالم الحديث، وأطلس الحملات الصليبية، والأطلس السياحي للمملكة، وأطلس الأماكن في القرآن الكريم، وأطلس الأديان، وأطلس الفِرق والمذاهب في التاريخ الإسلامي، وأطلس أعلام المحدّثين، وأطلس أعلام المفسرين، وأطلس القُرَّاء العشرة ورواتهم العشرين. و(أطلس أعلام الفقهاء).
وقد تمت ترجمة مؤلفاته الى عدة لغات وهي (اللغة الإنجليزية - اللغة الإندونيسية - اللغة الملاوية- اللغة الأوردية - اللغة التركية - اللغة الفارسية - اللغة البنغالية - اللغة الأوزبكية، وحاليًّا الفرنسية).
وشارك في عدة برامج تلفزيونية مثل المجامع المسكونية في تسع حلقات وأعلام المحدثين والفتوحات الإسلامية وبرنامج مسارات الحملات الصليبية، وبرنامج (وميض الجمر).
وله مؤلفات مشتركة مثل أطلس المملكة العربية السعودية الجغرافي للمرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ثلاثة أطالس. ومقررات وزارة التربية والتعليم للمشروع الشامل للمناهج، للمرحلتين: الابتدائية والمتوسطة كتاب الطالب والنشاط والمعلم (36 كتابا).
حصل المغلوث على جائزة المؤلف السعودي لجمعية الناشرين السعوديين لعام 1436هـ-2015م وكُرِم في نادي الأحساء الأدبي عام 1439هـ؛ كرائدٍ للأطالس التاريخية في الوطن العربي.
ونال جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام لعام 2025م - 1446هـ. وذلك تقديراً لجهوده المتميزة في توثيق التاريخ الإسلامي، وإنجازاته في مجال الأطالس التاريخية والجغرافية.
كتبت وأجريت عنه العديد من الدراسات الأكاديمية والرسائل العلمية في بعض الجامعات العربية والإسلامية وشارك في إعداد وتقديم العشرات من البرامج التلفزيونية.
يمعن المغلوث في تحويل «المعلومة» إلى «خلاصة» من «المعرفة» بطريقة جاذبة ومشوقة ترفع من أسهم «التطبيق» وتزيد من معنى «التشويق» وتزود العقل بحزمة من «الاستيعاب» المبني على «قواعد» التفكير والقائم على «أسس» التفكر في مقامات «جغرافية» و»قوائم» تاريخية تسهم في دعم «الوعي» بالجديد والمتجدد.
وضع المغلوث» الخطط الفنية» والرؤى العلمية في ميادين «الانفراد» بخرائط أكتمل فيها «نصاب» الإبداع وتوزع منها «نصيب» الإمتاع في «إضاءات» ذهنية و»إمضاءات» عملية ربطت ما بين «تحصيل العلم» و»تسهيل العمل».
سامي المغلوث.. خبير الأطالس ومبتكر الخرائط.. الأنموذج البشري الناجح حامل «لواء» الإلهام.. والمثال الوطني الفالح صاحب «بصمة» الإنجاز.. في ميادين «الفكر» ومضامين «الشكر» وعناوين «الفخر».