: آخر تحديث

اعرف عميلك.. واعرف وزير تجارتك

3
3
4

في سعي الولايات المتحدة لبسط هيمنتها، وإعلاء كلمتها، وحفظ مصالحها، وكوسيلة لمحاربة الإرهاب وغسل الأموال، خاصة الناتجة عن تجارتي المخدرات والسلاح غير المشروع، وبذل كل جهد لتجفيف أو القضاء على مصادر الإرهاب، وتضييق الخناق على أموال تجارة المخدرات، قامت بفرض مختلف الإجراءات والقيود، التي تمكنها من معرفة من أين تأتي الأموال، وإلى أين تذهب، وبالذات التحويلات التي تتم بالدولار الأمريكي، وفرضت على كل الجهات المعنية الشك في كل مبلغ يردها، أو يخرج من حساباتها، لحساب عملائها، وبذل ما يكفي من جهد، للتيقن من خلو التحويل المالي، الوارد أو الصادر، من أية شبهات، وإعطاء هذه الجهات الحق، في عدم صرف المبلغ للمستفيد، أو إعادته للمرسل، في حالة وجود أية شكوك في الأمر.

من هذه الشروط الطلب من كل المتعاملين مع المصارف وشركات الاستثمار، والبورصات، والصرافين ومن في حكمهم، تعبئة نموذج «اعرف عميلك» Know Your Customer، وهو نموذج يتضمن المعلومات الشخصية والمالية المهمة والحيوية عن العميل، يشبه في غرضه وأغلبية تفاصيله نموذج «من أين لك هذا؟»، الذي تطلبه هيئة النزاهة من كبار موظفي الدولة، عند التحاقهم بالعمل، وبعد الخروج منه، للتيقن من عدم إثرائهم من وظائفهم. ولم نسمع يوماً عن وجود أية مخالفة على أي موظف حكومي، ولكن هذا ليس موضوع مقالنا.

يهدف «اعرف عميلك» للتحقق من هوية العميل وبياناته الشخصية، ومعرفة وضعه المالي، ومصادر دخله وثروته، التقريبية، وتحديد خبراته الاستثمارية، وأهدافه المالية من التعامل في البورصة أو الشركات الاستثمارية، وسبب تحويله أو تلقيه لأي مبلغ كبير، أضافة لتفاصيل حساباته في مختلف البنوك، وأخذ تعهده بالامتثال للقوانين واللوائح المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومعرفة إن كان يشغل منصباً إشرافياً أو حكومياً.

أصبح النموذج إلزامياً وجزءاً أساسياً من أي تعامل مالي مع أية مؤسسة مالية، لكن بسبب تخلّف بعض أنظمة التجارة، وتعذّر الردّ على مكالماتنا أو رسائل الواتس أب من وزير التجارة لأسباب لا نعرفها، وربما له عذره، جاء هذا المقال. فكثير من المتعاملين مع الأسواق المالية، أو من يرغبون في إجراء أية معاملة مالية، يشكون من تكرار اضطرارهم، سنوياً، لتعبئة العديد من هذه النماذج لمختلف الجهات، وتزويد الجهة المعنية بالكثير من البيانات، وبعضها سرية أصلاً، وتكون غالباً في متناول كل موظفي البورصة أو الشركة الاستثمارية أو محل الصرافة، أو البنك، ومن في حكمهم، كما تشكل عبئاً لمن لا يعرف كيف يقوم بتعبئتها عاماً بعد آخر.

فيا حبذا لو قامت وزارة التجارة بتوفير هذه الخدمة عن طريق برنامج سهل، أو تحديد جهة واحدة في الدولة، يمكن الوثوق بها على سرية المعلومات المالية الخاصة بالمواطنين، بحيث يمكن تعديلها أولاً بأول، وإرسالها لكل الجهات التي تطلبها بكبسة زر، بدلاً من الطريقة البدائية الحالية المتبعة، التي لا ضمان في أن ما أرسله المتعامل للبنك، يحتوي على البيانات والأرقام نفسها، التي سبق أن أرسلها، قبل ثمانية أشهر، مثلاً، للبورصة!

فهل سنرى تجاوباً من معالي الوزير؟

***

يوسف بن محمد النصف، أبو عمر، رجل كبير آخر يرحل عن دنيانا، بعدما ملأها من كرمه وحكمته، واتفاق الكل على طيب خصاله وترفّعه على الصغائر. رحيله سيترك فراغاً، فقد كان بالفعل «فريداً» في شجاعته، وقوة رأيه وحكمته، وكان لي سنداً فيما كنت اكتب، بالرغم من بعض ما كان بيننا من اختلاف، له الرحمة، ولأهله ومحبيه الصبر من بعده.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد