: آخر تحديث

هل تعرف الترعة والرافعة؟

3
3
3

حمد الحمد

لي عادة لا أسافر إلّا ومعي كتاب أو كتابان، وفي سفرتي الأخيرة أخذت معي كتاب تقترب عمر مادته من 100 سنة، كتبه صاحبه عام 1929م، والكتاب عنوانه الرحلة المشرقية لمحمد الصقلي، ودوّن رحلته من المغرب إلى إسطنبول، والسفر أخذ وقتاً طويلاً من ميناء إلى ميناء حتى وصل إلى إسطنبول بتركيا، حيث شهد بداية ملامح أفول الحكم الإسلامي وبروز الحكم الليبرالي بقيادة كمال أتاتورك، ومشاهداته في ذلك التحول تحتاج مقالاً آخر وبتفصيل عن هذا الموضوع المهم.

لكن ما لفت انتباهي هو استخدامه مصطلحات قد لا يعرفها معظم إخواني القراء وأخواتي، مسميات قد عفى عليها الزمن، حيث سكن صاحبنا وهو محمد الصقلي، في إسطنبول في نزل من أربعة طوابق، والنزل هو الفندق ، وكلمة فندق أصلها لاتيني فونديقوم، وكان في النزل أو الفندق آلة رافعة، هل تعرف الرافعة أو الرافع؟، أعتقد لا أحد يعرف، الرافعة هي المصعد أو الأسانسير بالفرنسي أو اللفت بالإنكليزي، ويبدو أن المصعد أول ما صنع وعرف، أطلق عليه العرب الرافعة.

وأذكر قبل سنوات كنتُ في فرانكفورت بألمانيا، وسكنت في فندق، واستغربت أن المصعد من دون أبواب، بمعنى بما أن يقف المصعد، إلا تقفز وتدخل وهكذا، وسألت سيدة كانت معي، قلت لها ما هذا مصعد من دون أبواب؟، قالت: هذا نموذج قديم من أيام الحرب العالمية الأولى ما زال الفندق يحتفظ به.

وفي كتاب الصقلي أيضاً يقول: دخلنا ترعة (كورنث) في اليونان، وترعة تعني (قناة ماء) وأصل الكلمة سرياني.

وهل تعلمون أن قناة السويس في فترة العشرينات كانت تسمى (الترعة)، أو ترعة السويس، ولكن مع الأيام غلب الاسم الأجنبي وهو قناة السويس Swiss canal وليس ترعة! وعمقها 24 متراً .

وقناة كورنث اليونانية فكر بشقها الإمبراطور نيرون، المتوفى عام 68 م، ولكن فشل، ولكن بعد ذلك بقرون طويلة أنجزتها شركات فرنسية، والقناة طولها 7 كيلومترات وعرضها 21 متراً والعمق 1000 متر بمعنى كيلو متر، والافتتاح عام 1893م.

وشقت القناة بين الجبال لتربط بحراً ببحر.

وأذكر في الثمانينات كنت في أثينا، وخرجنا بالتاكسي خارج العاصمة، فتوقف السائق وقال لي انظر، فنظرت للقناة وفي الأسفل رأيت سفناً تعبر وكأنها لعب أطفال، وفعلا كانت أعجوبة، والآن لا تستغل إلا للسفن السياحية .

هذا ما حصلت عليه من سفري في كتاب قديم وهو بين يدي في الطائرة، وهو يصور لي حياة الأمس، ووجدت أن أنقله للقراء كمعلومة قد تخفى عليهم.

[email protected]


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد