: آخر تحديث

الإمارات تحلِّق في الفضاء

11
13
15

سعت دولة الإمارات إلى حجز موقع لها في الفضاء الخارجي على قدم المساواة مع دول العالم المتقدمة، ذلك أن الفضاء يمثل مستقبل الأرض، وطوق النجاة لها، إذ من خلاله يمكن تغطية الأرض بشبكات الاتصال الحديثة وتحديد المواقع، وأيضاً رصد مختلف الظواهر الطبيعية على الكرة الأرضية والتنبؤ بالأخطار المناخية قبل وقوعها.لا يمكن لأي دولة أن تمتلك رؤية متكاملة لأمنها القومي، دون وجود نظام خاص بها للأقمار الاصطناعية التي تزودها بمختلف المعلومات الضرورية لتعزيز استقرارها واستمرار نموها وتقدمها. وقد خطت دولة الإمارات العربية المتحدة أولى خطواتها الفضائية في منتصف العقد الأول من هذا القرن عندما بدأ مركز محمد بن راشد للفضاء بتطوير أول قمر اصطناعي لدولة الإمارات، بالتعاون مع دولة كوريا الجنوبية، حيث تم تصميم وتصنيع أول قمرين اصطناعيين لرصد الأرض هما: «دبي سات 1» و«دبي سات 2»، اللذين تم إطلاقهما على التوالي إلى الفضاء خلال الفترة القلية الماضية.وبمرور الأيام تقدم البرنامج الفضائي الإماراتي كثيراً، في ظل الاهتمام الكبير لقيادة الدولة في هذا القطاع المهم، حيث تمّ الاستثمار بشكل كبير في قطاعي التعليم والبحث العلمي المتعلق بعلوم الفضاء، وعلى مدار سنوات قليلة نجحت دولة الإمارات في إطلاق أقمار اصطناعية عديدة إلى الفضاء، حيث تم إطلاق اثنين وعشرين قمراً اصطناعياً من بينها «خليفة سات» الذي كان أول قمر اصطناعي يجري تصميمه وتصنيعه بالكامل في الإمارات. كما تم إنشاء البرنامج الفضائي الإماراتي لرصد الأرض عن طريق الاستشعار عن بُعد بالأقمار الاصطناعية. وتم تطوير مجموعة من أقمار «SAR» في المدار الأرضي المنخفض «LEO»، لتوفير تدفق مستمر للبيانات وحلول شاملة لتطبيقات «SAR». وقد أعلنت شركة «بيانات» التابعة لمجموعة «جي 42»، الرائدة في توفير الحلول الجيومكانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي بمختلف القطاعات في أبوظبي، وشركة «الياه سات» للاتصالات الفضائية والمملوكة بالكامل لشركة مبادلة للتنمية، الذراع الاستثماري لحكومة أبوظبي، في الأسبوع الماضي، نجاح إطلاق أول أقمار البرنامج الفضائي الإماراتي الطموح لرصد الأرض «SAR»، وتم إطلاق القمر إلى المدار الأرضي المنخفض بالتعاون مع شركة ICEYE، الرائدة في مجال تشغيل أقمار SAR لرصد الأرض. وقد تم الإطلاق على متن الرحلة المشتركة SpaceX Transporter 11 التي انطلقت من قاعدة Vandenberg Space Force في كاليفورنيا، بالولايات المتحدة الأمريكية.وسوف تغطي تلك الأقمار، عند اكتمال إرسالها إلى الفضاء، طيفاً واسعاً من الخدمات عبر سلسلة القيمة بأكملها، من خلال الاستفادة من أوجه التكامل المتاحة في قدرات «الياه سات» في مجال تشغيل الأقمار الصناعية وقدرات «بيانات» في مجال توفير الحلول البيانية المستندة إلى البيانات المتدفقة من الأقمار الصناعية. وتتسم هذه المنظومة من الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض بمعدل تغطية وتكرار زيارات أعلى لمنطقة الشرق الأوسط، ما يتيح ل«بيانات» و«الياه سات» تقديم صور عالية الدقة في الوقت الفعلي تقريباً للظروف على الأرض في جميع أنحاء المنطقة وخارجها. ويمثل الإطلاق الناجح للقمر الاصطناعي «SAR» خطوة مهمة في سياق برنامج تطوير منظومة أقمار في المدار الأرضي المنخفض. وسوف توفر مجموعة أقمار«SAR»، حلول رصد مستمرة عالية الدقة، وذلك باستخدام نظام استشعار نشط يُضيء سطح الأرض، ويقيس الإشارة المنعكسة لتوفير صور عالية الدقة، ويمكّن الأقمار التقاط الصور ليلاً ونهاراً.ولا يتوقف استكشاف الفضاء على برامج الأقمار الاصطناعية فقط، بل هناك برامج أخرى متعددة، فقد أرسلت دولة الإمارات مسباراً لاستكشاف كوكب المريخ، كما أرسلت رائد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية، وهناك أيضاً مشروع لدراسة سبعة كويكبات في حزام الكويكبات الرئيسي، بهدف تسريع تطوير قطاع الفضاء الخاص في دولة الإمارات والقدرات الوطنية في مجالات الابتكار والتطوير التكنولوجي المتقدم. وهناك أيضاً مشروع «المحطة القمرية»، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكندا والاتحاد الأوروبي، وإرسال أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى مدار القمر، حيث تعد دولة الإمارات العربية المتحدة خامس الشركاء في هذا المشروع الذي يتضمن الهبوط على سطح القمر، والإعداد لمهمات مستقبلية نحو كوكب المريخ. ومن المتوقع أن يتم إطلاق أول أجزاء المحطة خلال العام 2025، في حين من المتوقع إطلاق «بوابة الإمارات» في عام 2030، وهناك أيضاً مشروع تطوير الأقمار الاصطناعية الرادارية «سرب». وغير ذلك من المشاريع الفضائية التي يتم العمل على تطويرها تباعاً. وقد أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة الاستراتيجية الوطنية للفضاء 2030، التي تهدف إلى دعم تحقيق رؤية الإمارات في مجال صناعة الفضاء بمختلف علومه وتقنياته وتطبيقاته وخدماته. كما صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم 46 لسنة 2023 في شأن تنظيم قطاع الفضاء، ويهدف القانون إلى تنظيم قطاع الفضاء الوطني وأنشطته بطريقة تضمن تطوير قطاع فضائي مزدهر وآمن، ويحقق أهداف السياسة الوطنية للفضاء لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتطلعاتها لدور أكبر بقطاع الفضاء في المستقبل.إن دولة الإمارات تمتلك حالياً أكبر قطاع فضائي فعال في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وقد كشفت وكالة الإمارات للفضاء، في شهر مارس الماضي، أن حجم الاستثمارات في قطاع الفضاء بلغ 40 مليار درهم، مؤكدة أن دولة الإمارات قطعت شوطاً كبيراً في قطاع الفضاء خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفضل قيادتنا الطموحة التي تستشرف المستقبل برؤية حكيمة ترسم للإمارات مستقبلها بين دول العالم المتقدم في كافة المجالات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد