: آخر تحديث

الاندماج

3
3
2

الشركات المساهمة في عالمنا العربي حديثة النشأة، وكان كثير من الناس لا يثق في مثل هذا النوع من الشركات، باستثناء كبار التجار؛ حيث كانوا هم مَن يؤسّسون مثل هذه الشركات، لذلك كانت هذه الشركات تبدأ صغيرة وبرؤوس أموال صغيرة أيضاً، وكانت المناطقية تغلب على مثل هذا النوع من الشركات.

فلو لاحظنا في السوق السعودية أن شركات الكهرباء بدأت مناطقية، ففي كل منطقة شركة كهرباء، بل في كل مدينة، فحينما بدأت شركة كهرباء جدة تَنادَى كبار أهل مكة المكرمة وأسّسوا شركة كهرباء مكة ودافِعهم المناطقية، بعد ذلك تم الدمج بين شركات المدن لتشمل المناطق، مثل كهرباء الوسطى والغربية والشرقية، وغيرها، وفي أواخر التسعينات الميلادية تم دمج جميع شركات الكهرباء في المملكة في شركة واحدة تحت مسمى «الشركة السعودية للكهرباء».

والدمج أحياناً يواجه بعض التحديات، فمنها مثلاً: عدم موافقة الجهات المشرّعة على الدمج حمايةً للمنافسة ومنعاً للاحتكار، والتحدي الآخر هو ممانعة طرف من الأطراف بحكم الاستنفاع من عدم الدمج، مثل الخوف على المنصب وغيره، السبب الأخير هو مغالاة طرف من أطراف الدمج في تقييم الشركة، مما يجعل الطرف الآخر ينسحب من عملية الدمج.

وأحياناً يكون السبب تافهاً، وأذكر في هذا السياق قصة أميركية، أثناء الحرب العالمية الثانية واجهت صناعة الحديد والصلب في أميركا مصاعب كبيرة، وكان هناك شركتان كبيرتان للحديد والصلب، وكانتا تتنافسان، حتى وصلت المنافسة لكسر العظم، والشركتان سُمِّيَتا بأسماء مُلّاكهما، وقد نسيت أسماء الشركتين، ولكن لنفرض أنهما شركة «روبرت للحديد والصلب»، وشركة «جورج للحديد والصلب»، وقد قررتا الاندماج، ليعقب ذلك الفحص النافي للجهالة، وبعد أن تم الفحص طلب روبرت مقابلة جورج على العشاء، وبعد تحديد الموعد تقابل الرجلان على العشاء، وبعد المجاملات قال روبرت لجورج: لا مانع لديّ من الدمج شريطةَ أن تحمل الشركة الجديدة اسمي، يقول جورج وافقت على الفور، وتم الدمج، وكنت متيقناً أنني لو رفضت لما تم الاندماج ولأفلست كلتا الشركتين، يقول جورج إن روبرت صارحه بعد فترة بقوله: لو رفضت المسمى لرفضت الدمج، هذا واحد من الأسباب التافهة التي تحُول دون الاندماج.

وللدمج فوائد كثيرة، طبعاً إذا كان لا يؤثر على المنافسة، منها على سبيل المثال: تقوية مركز الشركة المالي، ثانياً: خفض التكاليف بعد الدمج، فبدلاً من مديرَين للشركة سيكون هناك مدير واحد، وبدلاً من قسمَين للتسويق سيكون هناك قسم واحد، وقِس على ذلك المشتريات وغيرها من الأقسام.

الزمن لم يعد يحتمل الشركات الصغيرة التي لا تستطيع مواجهة المصاعب، والدمج يوجِد شركات قُطرية قوية، ربما تفكر فيما بعد أن تندمج مع شركات إقليمية للتحول للعالمية. ودمتم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد