طارق الحميد
كسر المرشد الإيراني علي خامنئي صمته، وتحدث معلقًا على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي حذر فيها طهران أخيرًا، حيث يقول خامنئي إن الرئيس الأميركي الجديد كشف «الوجه الحقيقي» للفساد الأميركي!
وطالب خامنئي الإيرانيين بالرد على «التهديدات» الأميركية، يوم الجمعة، في ذكرى الثورة الخمينية. وأضاف خامنئي في تصريحات له أثناء اجتماعه بقادة عسكريين في طهران: «نحن ممتنون (لترمب) لجعل حياتنا سهلة، لأنه كشف الوجه الحقيقي لأميركا».
إلا أن اللافت هنا، خصوصًا في الحديث عن «الحياة السهلة» التي تحدث عنها المرشد الإيراني، هو أن تصريحات المرشد هذه تناقض تصريحات وزير خارجية إيران، التي يقول فيها: «أعتقد أن ترمب سيدفع باتجاه إعادة التفاوض (حول الملف النووي). لكن إيران والدول الأوروبية لن تقبل بهذا. أمامنا أيام صعبة»! فمن نصدق هنا، المرشد الإيراني، أم وزير خارجية إيران؟
الحقيقة أن علينا هنا أن نتذكر أن المرشد الإيراني لم يكن ودودًا أوائل فترة رئاسة الرئيس الأميركي السابق أوباما، الذي بادر بإرسال الرسائل للمرشد الإيراني، لكن الأمور انتهت إلى ما هو معلوم، ووقّعت إيران الاتفاق النووي مع أميركا والغرب.
اليوم، نحن أمام حالة مختلفة، حيث بادر الرئيس ترمب بتحذير إيران، وإعلان وضعها تحت الملاحظة، مع تحذيرات واضحة، وكان أكثرها لفتًا للأنظار عندما حذر ترمب الإيرانيين بأنهم لن يجدوا منه معاملة مميزة كما وجدوها أيام أوباما، وعلى أثر تحذيرات ترمب هذه خرج المرشد الإيراني عن صمته مهاجمًا، وقائلاً إن ترمب «أكد ما كنا نقوله منذ أكثر من 30 عامًا عن الفساد السياسي والاقتصادي والأخلاقي والاجتماعي في نظام الحكم بالولايات المتحدة»، التي وقّعت معها إيران بالطبع، وبموافقة المرشد نفسه، الاتفاق النووي!
وعليه، فإن التصريحات السياسية الأميركية الأخيرة، وكذلك بعد تصريحات المرشد هذه حول أميركا، وترمب، توحي بأن تقييم وزير الخارجية الإيراني هو الأقرب للدقة، عندما قال عن الملف النووي الإيراني، وبالطبع العلاقة مع أميركا: «أمامنا أيام صعبة»، وأكثر من تصريحات المرشد عن «الحياة السهلة».
وربما تكون الأمور مع ترمب أسهل للمرشد، والمتشددين الإيرانيين، لمواصلة القمع، والأعمال العدوانية، وبالتالي ممارسة مزيد من التقييد في إيران، لكنها بكل تأكيد لن تكون سهلة لنظام إيران، سياسيًا، ولا اقتصاديًا، ولا عسكريًا. ومواقف الرئيس ترمب ليست الصعوبة الوحيدة أمام إيران، وإنما كذلك مواقف دول المنطقة تجاه طهران، فاللعب اليوم بالمنطقة بات على المكشوف، ولم يعد هناك كثر مخدوعون بإيران، وكما كان الوضع عليه قبل سنوات، وتحديدًا قبل ما يُسمى بـ«الربيع العربي»، حيث لا يوجد في المنطقة اليوم حلفاء حقيقيون لإيران، فضلاً عن الجماعات الإرهابية، أو الأنظمة المعزولة، أو المنهارة.
ومن هنا، وبعد تصريحات المرشد هذه، تكون الحرب الكلامية بين واشنطن وطهران قد بدأت رسميًا، وبدأ العد التنازلي لأيام إيران الصعبة، ومَن يدري؟! فربما تكشف لنا الأيام عن محاولات إيرانية أيضًا لفتح قنوات خلفية مع إدارة ترمب، فالصراخ الإيراني عادة ما يكون للتغطية على حيلة جديدة.