: آخر تحديث

استعطاف تميم بن جميل من المعتصم...

3
3
3

عبدالله خلف

كان تميم بن جميل، قد خرج على المعتصم بشاطئ الفرات، واجتمع إليه كثير من الأعراب، فعظم أمره وبَعُد ذكره حتى ظُفر به، وحُمل موثّقاً إلى مجلس المعتصم، فقال أحمد بن أبي دؤاد: ما رأيتُ:

ما رأيتُ رجلاً عاين الموت فما هاله، فإنه لما قُتل بين يدي المعتصم، فشاهد السيف والسياف والنطع.. تأمله المعتصم وكان جميلاً وسيماً، وأحب أن يعلم لسانه وجَنَانه من منظره، فقال تكلّم يا تميم..

فقال أما أذنت يا أمير المؤمنين فأقول الحمد لله الذي أحسنَ كلَّ شيء خَلَقه وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سُلالة من ماء مهين، وجبر بك صدع الدين، ولمّ بك شعث المسلمين، وأوضح بك سُبل الحق وأخمد بك شهاب الباطل.. إن الذنوب تُحرس الألسنة الفصيحة وتُعْين الأفئدة السليمة.. لقد عظمت الجريرة، وانقطعت الحجة، وساء الظن لم يبق إلا عفوك أو انتقامك، ثم قال على البديهة:

أرى الموت بين السيف والنطع كامناً

يلاحظني من حيثما أتلفتُ

وأكبر ظني أنك اليوم قاتلي

وأي أمر مما قضى الله يُفلت

وأي امرئ يأتي بعذر وحجة

وسيف المنايا بين عينيه مُصلتُ

وما جزعي من أن أموت فإنني

لأعلم أن الموت شيء موقتُ

ولكن خلفي صبية قد تركتهم

وأكبادهم من حرها تتفتتُ

كأني أراهم حين أنعى إليهم

وقد لطموا تلك الوجوه وصوّتوا..

إلى آخر القصيدة، فتبسّم المعتصم، وقال كاد والله يا تميم أن يسبق السيف العَذَل، لقد وهبتك لصبيتك وذويك.. وغفرت لك الصبوة وهي الزلة وخلع عليه.. وأدنى مكانه منه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد